Loading...

حوكمة الكهرباء: تنازع الصلاحيات بعد الطائف

 

ساندي الحايك

في العام 1993 مُنع وزير الطاقة والمياه آنذاك من حضور اجتماع لمجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان، بعد اعتراض أعضاء المجلس نظراً لكون حضوره مخالفاً للقانون، إذ إن كهرباء لبنان تتمتع بإدارة مستقلة ولا تخضع لسلطة الوزير مباشرةً، بل ينحصر دور وزارتي الطاقة والمالية بالإشراف عليها. في حينه، كان مجلس الإدارة لا يتمتع باستقلاليةٍ وحسب، بل يتمسك بها ويُمارسها. أما اليوم، فقد تحوّل هذا الأخير إلى ظل شبحٍ. فكيف وصلنا إلى هنا؟ فيما يلي كلّ الحكاية:

أنشئت مؤسسة كهرباء لبنان في العام 1964 بموجب المرسوم 16878، في عهد الرئيس فؤاد شهاب، لتتولى أمور إنتاج ونقل وتوزيع الطاقة الكهربائية على كافة الأراضي اللبنانية بطريقة مستقلة وتجارية. وقد نصّت المادة 10 من المرسوم ببنودها السبعة على تنظيم مصلحة كهرباء لبنان عبر إنشاء مجلس إدارة كهرباء لبنان وفق الآتي:

  1. يتألف مجلس إدارة مصلحة كهرباء لبنان من سبعة أعضاء يكون أحدهم رئيساً، يعينون لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الاشغال العامة والنقل.
  2. لا يجوز لأي كان أن يكون عضواً في مجلس الإدارة إذا كانت له مصلحة في مؤسسة خاصة يكون لموضوعها علاقة بأعمال مصلحة كهرباء لبنان.
  3.  يجتمع مجلس الإدارة مرة على الأقل كل شهر بناء على دعوة من رئيسه أو من ينوب عنه.
  4. تكون مناقشات المجلس قانونية عندما يدعى جميع أعضاء المجلس ويحضر نصفهم على الأقل بما فيهم الرئيس أو من ينوب عنه.
  5. تؤخذ القرارت بأكثرية الأصوات، وفي حال تعادل الأصوات يكون صوت الرئيس مرجحاُ.

ح - يحضر مناقشات مجلس الإدارة مفوض الحكومة ويكون له فيها حق التصويت. كما يحضرها المراقب المالي بصفة استشارية من دون حق التصويت.

خ - يحضر مناقشات مجلس الإدارة المدير العام للمصلحة بصفة استشارية دون حق التصويت. 

وحددت المادتان 11 و13 دور المجلس بأنه المنوط بتحديد المناطق الإقليمية العائدة لدوائر التوزيع مع مراعاة تكوين الشبكات وتمديدها ووضع أنظمة الاستثمار، وتحديد القوة القصوى التي يتوجب على مصلحة كهرباء لبنان وضعها تحت تصرف المستهلكين في المناطق المختلفة. كما عليه ان يضع تقديراً سنوياً مسبقاً للواردات والنفقات.

كهرباء لبنان: من الفائض إلى الإفلاس

مارست المجالس المتعاقبة في تلك الفترة دورها، وكان لمؤسسة كهرباء لبنان فائض من الإيرادات ساهمت من خلاله بإنشاء مؤسسة كهرباء الجنوب. وكانت في حينه تودع أموالها في حساب فتح لهذه الغاية لدى البنك المركزي.

لكن الخلل ضرب هيكلية المؤسسة عقب الحرب الأهلية التي شبّت في العام 1975. تراكم عجزها إثر تراجع نسب الجباية. بدأت تتكدس الخسائر وتتراكم مؤشرات العجز والإفلاس، من دون أي مساعي جدية من قبل الحكومات المتعاقبة بعد اتفاق الطائف للنهوض بها مجدداً، الأمر الذي دفع بمجلس الإدارة في العام 1992 إلى توجيه رسالة إلى وزير الطاقة في حينه محمد عبد الحميد بيضون تُنذر بإفلاس مؤسسة كهرباء لبنان.

 

وتعاقب على المؤسسة عدّة رؤساء مجالس ومدراء عامين:

السنوات

المدير العام

رئيس مجلس الادارة

1999 إلى 2002

جورج معوض

فؤاد حمدان

1997 إلى 1999

جورج معوض

صلاح أبو الخدود

1995 إلى 1997

جوزيف الهوّا

محمد منيمنة

1993 إلى 1995

مهيب عيتاني

هارون أسمر

1990 إلى 1993

جان ليون

نور الدين غريري

1988 إلى 1990

حسن الطويل

محمد دمشقية

1986 إلى 1988

محيي الدين ..

إلياس النمّار

1984 إلى 1986

مصباح الناطور

إلياس النمّار

 

استمر إهمال المؤسسة من دون حلول جذرية. إلى أن صدر في العام 2002 قانون تنظيم قطاع الكهرباء رقم 462، الذي نصّ على الشراكة مع القطاع الخاص للنهوض بها وبتعيين مجلس إدارة جديد وبإنشاء هيئة تُسمى "هيئة تنظيم قطاع الكهرباء" تتولى تنظيم ورقابة شؤون الكهرباء وتتمتع بالشخصية المعنوية وبالاستقلال الفني والإداري والمالي ولا تخضع الهيئة لأحكام المرسوم رقم 4517 تاريخ 13/ 12/ 1972 (النظام العام للمؤسسات العامة). وتتمثل مهامها بإعداد الدراسات ووضع الخطط، وتأمين وتشجيع المنافسة، وضع المعايير التقنية والفنية والبيئية، إصدار وتجديد وتعليق وتعديل وإلغاء التراخيص والأذونات وتحديد قواعدها ومعاييرها.

لم يُطبّق القانون 462 بحرفيته، فبينما تم تعيين مجلس إدارة جديد، لمّ تُشكّل الهيئة الناظمة. وفي العام 2010، مع تقديم وزير الطاقة والمياه آنذاك، جبران باسيل، خطة الكهرباء إلى مجلس الوزراء، أعرب عن اعتراضه على مضمون مواد القانون 462 المتعلقة بتشكيل الهيئة الناظمة، موضحاً في مؤتمر صحافي في العام 2011 عقده في مبنى الوزارة أن "القانون 462 المتعلق بتنظيم قطاع الكهرباء بوضعه الحالي غير قابل للتطبيق ويحتاج الى الكثير من التعديلات"، مشيراً إلى أن "الموضوع شائك ولا يقتصر على نقطة معينة ليصبح قابلاً للتطبيق، فمنذ وُضع القانون لم يطبق، لأنه تم في عشرة أيام وفيه الكثير من النقاط التي تحتاج إلى تعديل".

وفي تاريخ 27 – 3 – 2012 تقدم وزراء "التيار الوطني الحرّ" بتعديلات على القانون 462/2002 إلى مجلس الوزراء، إلا أنها لم توضع على جدول أعمال مجلس الوزراء حتى تاريخه.

وفي العام 2011 صدر القانون 181/2011 ونص في مادته الأولى من الفقرة 7 على تشكيل لجنة وزارية برئاسة رئيس الحكومة وعدد من الوزراء المختصين لاقتراح تعديل القانون 462 خلال مهلة أقصاها 3 أشهر، والدفع باتجاه تشكيل هيئة تنظيم القطاع.

في هذا الإطار، يعتبر مدير عام الاستثمار السابق في وزارة الطاقة غسان بيضون في حديث لـ "مهارات نيوز" أن ”معارضة وزراء ما بعد الطائف المتعاقبين على تشكيل الهيئة الناظمة للكهرباء تنطلق من مبدأ أنه لا يجوز أن تشكل لجنة تقضم من صلاحيات الوزير أو تتخذ قرارات لا يمكن للوزارة السيطرة عليها"، موضحاً أن "هذه الفلسفة السائدة منذ العام 2010 خطيرة، وهي بمثابة انقلاب على البنية التنظيمية والأسس والقواعد المتوازنة التي بنيت عليها الإدارة اللبنانية، لأنه من دون الهيئة سيبقى القطاع تحت وطأة تنازع دائم على الصلاحيات".

تعيين مجلس إدارة جديد

تمّ تعيين مجلس إدارة جديد للمؤسسة استناذاً إلى نص القانون 462 (كما ذكرنا آنفاً)، إلا أن هذا التعيين جاء مبتوراً فلم يحترم الأسس والمعايير المطلوبة. ففي العام 2002 صدر مرسوم تعيين مجلس إدارة جديد لمؤسسة كهرباء لبنان ولكن بخمسة أعضاء فقط، نظراً لكونه لم يرد في المرسوم آنذاك إسمي العضوين زياد الزين (العضو الشيعي) وآلان الفاضي (العضو الماروني) لأسباب شخصية، واللافت للانتباه أن كل الوزراء الذين تعاقبوا على وزارة الطاقة منذ تاريخه وحتى العام 2020 لم يبادروا إلى طلب تعيين عضوين آخرين.

هذا المجلس المؤلف من خمسة أعضاء استقال منه لاحقاً رياض شديد (العضو الدرزي) وميشال دمعة (العضو الأرثوذكسي)، إلا أنه واصل عمله 19 عاماً، (رغم انقضاء ولايته، إذ ينص القانون أن مدة ولاية المجلس هي ثلاث سنوات كما ذُكر آنفاً) بموجب استمرارية المرفق العام، وبثلاثة أعضاء فقط، هم المدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان كمال الحايك (العضو الماروني) ووليد مزهر (العضو الروم الكاثوليك) وسامر دوغان (العضو السني)، إضافة إلى مفوض الحكومة وهو حالياً أحمد الموسوي (سني) الذي له أيضاً حق التصويت.

وللمفارقة، يزاول مفوّض الحكومة أكثر من مهمة في آن واحد، فهو بالإضافة إلى ذلك مدير عام الاستثمار بالنيابة ورئيس مصلحة فنية في مديرية مراقبة الامتيازات ومهندس في المصلحة  ومكلّف في أكثر من لجنة فنية في الوزارة. تثير هذه المهام المتداخلة بين التنفيذية والرقابية، تساؤلات حول فعالية دوره الرقابي لاسيما انه لم يسبق لمفوض الحكومة أن سجّل إي اعتراض على أداء المجلس طيلة 19 عاماً، على الرغم من تردي الأوضاع في المؤسسة على مختلف المستويات.

وفي العام 2011 صدر القانون المُعجّل رقم 181 (كما أشرنا سابقاً) الرامي الى إقرار قانون برنامج لتنفيذ أشغال كهربائية لإنتاج 700 ميغاوات ونقل وتوزيع الطاقة الكهربائية، من أجل تمكين وزارة الطاقة والمياه من تنفيذ خطوة من خطوات ورقة سياسة قطاع الكهرباء، وفقاً لما ورد فيها ولما جاء في البيان الوزاري للحكومة آنذاك. واشترط القانون في البند الثامن من المادة الأولى تعيين مجلس إدارة جديد لمؤسسة كهرباء لبنان خلال مهلة أقصاها شهران. لم يُحترم نص القانون ولم تُطبّق مواده ولم يُعيّن مجلس إداراة جديد.

في هذا الإطار يوضح خبير الطاقة وعضو مجلس إدارة ملتقى التأثير المدني الدكتور يحيى منير لـ "مهارات نيوز" أن "تعيين مجلس إدارة جديد حاجة ملحة ومدخل إلى الإصلاح، إلا أنه لا يكفي من دون تطبيق الإصلاحات الأخرى"، مشيراً إلى أن "أهمية أن يكون أعضاء مجلس الإدارة والهيئة الناظمة مستقلين تماماً عن السلطة السياسية وإلا فسيكون حضورهم من دون جدوى"، مؤكداً أن "سبب المماطلة في تعيين مجلس الإدارة والهيئة يعود لكون سلطتهما تحد من صلاحيات الوزير. فإذا كان مجلس الإدارة قوياً ومتجانساً يستطيع ضمن الصلاحيات المعطاة له كفّ يد الوزراء عن مؤسسة كهرباء لبنان، فالمجلس له استقلالية تامة ويحق له اتخاذ القرارات المتعلقة بموازنته بحرية من دون الحاجة إلى موافقة وزارتي الوصاية، فلا يستطيع أي وزير أن يفرض قراراً على مجلس الإدارة".

أما كيف نضمن استقلالية الأعضاء المٌعيّنين، فيوضح د. منير أن "ذلك يتم من خلال آلية تعيينهم"، مؤكداً أن "أعضاء مجلس الإدارة يكونون عادةً أشخاصاً مقتدرين وميسورين مهمتهم تقديم الاستشارة وإدارة القطاع من خلال خبراتهم الطويلة في مجالات إدارة الأعمال والكهرباء والطاقة والقانون، يجتمعون مرة أسبوعياً لمراجعة ومتابعة شؤون المؤسسة، ولا يتقاضون أجراً بل تعويض حضور هو عبارة عن مبلغ رمزي كبدلٍ عن حضور كل اجتماع".

الإعلان تمّ .. ماذا عن الآليات؟

في أواخر شهر آذار الماضي، أعلنت وزارة الطاقة والمياه إطلاق مسار تعيين مجلس إدارة جديد لمؤسسة كهرباء لبنان. فكيف ستتم التعيينات ووفق أي آلية؟

اشترطت الوزارة أن يكون المرشح من حملة الشهادات الجامعية المعترف بها مع خبرة لا تقل عن 10 سنوات في مجال الكهرباء او الميكانيك او المعلوماتية او الاقتصاد او العلوم المالية أوالقانون او الادارة. ان يتقن اللغة الانكليزية و/أو الفرنسية بالإضافة الى اللغة العربية. ان يكون قد لعب دورا بارزا على مستوى اتخاذ القرار في المجال الاداري او الاستشاري او القانوني وذلك من خلال عمله/ا في مؤسسات عامة او خاصة نفذت مشاريع ذات طابع عام. واعلنت انه سيتم دراسة الملفات واجراء المقابلات مع المرشحين المستوفين للشروط من قبل لجنة خاصة يعينها وزير الطاقة لهذه الغاية ترفع بعدها الاسماء المقترحة الى مقام مجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب.

وفي مراجعة لنص الإعلان، الذي صدر تحت عنوان "إطلاق مسار تعيين أعضاء مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان”، يمكن تسجيل الملاحظات التالية: لقد اكتفى النص  بالإشارة إلى الكفاءة العلمية والمهنية كأساس، من دون بناءاته القانونية، المفترض أنها محددة في قانون إنشاء المؤسسة وفي النظام العام للمؤسسات، تاركاً للمرشحين أنفسهم التأكد من استيفائهم للشروط العامة المنصوص عليها في هذا النظام. فإن المادة 10 من قانون إنشاء مؤسسة كهرباء لبنان تنص على أن يتألف مجلس إدارة هذه المصلحة من سبعة أعضاء يكون أحدهم رئيساً ولا تجيز لأي كان أن يكون عضوا في مجلس الإدارة، إذا كانت له مصلحة في مؤسسة خاصة يكون لموضوعها علاقة بأعمال كهرباء لبنان. وبذلك يكون إعلان وزير الطاقة مخالفاً لهذه المادة، إذ يجيز ترشيح من عمل في مؤسسات خاصة نفذت مشاريع ذات طابع عام.

كذلك، إن المادة 6 من النظام العام للمؤسسات العامة توجب على سلطة الوصاية، قبل انتهاء  ولاية مجلس الإدارة بشهرين على الأقل، أن ترفع إلى مجلس الوزراء اقتراحاً بتأليف مجلس إدارة جديد. وتشترط ألّا تكون للمرشح ولأقاربه حتى الدرجة الرابعة، منفعة شخصية مباشرة أو غير مباشرة في أي عمل من أعمال المؤسسات العامة. وتجيز أن يؤخذ رئيس أو بعض أعضاء مجلس الإدارة من بين الموظفين المنتسبين إلى إحدى الفئات الثلاث العليا في الإدارات العامة، أو ما يماثل هذه الفئات في المؤسسات العامة والبلديات، وهو أمر لم يُراعيه الإعلان الصادر عن الوزارة، لا سيما في شرط خبرة العشر سنوات التي تحد من حظوظ الكثيرين ممن تتوفر بهم الشروط القانونية.

أما بالنسبة لآلية التعيين التي أقرها مجلس الوزراء المفترض اعتمادها في تعيين موظفي الفئة الأولى وأعضاء مجالس إدارة المؤسسات العامة ممن يتم اختيار رئيس مجلس الإدارة – المدير العام من بينهم، فهي تشترط النشر في 3 صحف محلية، بالإضافة إلى صحف أجنبيّة، على أن يتم إرسال الطلبات إلى مجلس الخدمة المدنيّة من دون أسماء، حيث يتم إعطاء طلبات المتقدمين للوظيفة شيفرة رقمية تحفظ السرية في مرحلة التأهيل على أساس الشروط العلميّة والسير الذاتيّة، وتحصر المقابلات النهائية بالحاصلين على 65 من أصل 80 نقطة، وعلى أن تُجري المقابلة لجنةٌ مؤلّفة من رئيس مجلس الخدمة المدنية والوزير المختص ووزير شؤون التنمية الإدارية. وبناءً على المقابلة، يجري اختيار 3 مرشحين لكلّ عضوية، تحال أسماؤهم إلى مجلس الوزراء، فيصوّت عليها ويعيّن من يحصل على ثلثي الأصوات في الموقع المرشح له. وهو ما لم يُراعيه نص الإعلان أيضاً.

وللوقوف على رأي مؤسسة كهرباء لبنان مما سبق، تواصلت "مهارات نيوز" مع مستشار وزير الطاقة والمياه رياض شديد، الذي فضل "عدم مناقشة الموضوع  حاليا، اذ انه في طور المناقشة في مجلس الوزراء".

الحوكمة: فصل المناصب هو القاعدة

طيلة 19 عاماً، وهي مدة حُكم مجلس إدارة كهرباء لبنان الحالي، كان رئيس مجلس الإدارة هو نفسه مدير عام المؤسسة (السيّد كمال الحايك). وفي قواعد الحوكمة فصل من يرأس مجلس الإدارة عن منصب مدير عام كهرباء لبنان، هي قاعدة يجب ان تعتمد باي تعيينات جديدة.

وعليه، يشير المدير التنفيذي في جمعية "لا فساد" جوليان كورسون إلى أن "الدمج بين المركزين يؤدي إلى تضارب في المصالح، وبالتالي طعن بمبادئ الحكم الرشيد"، موضحاً أن "القانون لم يأتِ بالمركزين (مركز المدير العام ومركز رئيس مجلس الإدارة) عن عبث، أو ليتم شغلهما من قبل الشخص نفسه، بل إن القانون وجد لكل مركز وظيفة محددة ودور مختلف. وكما هو معروف فإن المدير العام يخضع لرقابة على أدائه من قبل مجلس الإدارة مجتمعاً، فإذا كان رئيس المجلس هو نفسه المدير العام، حتماً لن تكون لديه القدرة على مراقبة ومحاسبة نفسه".

وأكد كورسون أن "تعيين مجلس إدارة المؤسسة من دون الإصلاحات الأخرى، هو كمن يركب قطعة واحدة من البازل، وبهذا لن تصطلح أحوال قطاع الكهرباء. وعليه، نحن بحاجة إلى فرض وتطبيق عدة قرارات تراعي معايير الشفافية والحوكمة الرشيدة لتحقيق الإصلاح". 

جدوى المجلس الاستشاري

سبق الإعلان عن إطلاق مسار تعيين مجلس إدارة جديد، إعلان وزير الطاقة ريمون غجر عن تشكيل مجلس استشاري، يحيل إليه مواضيع تقع ضمن مجالات عمل الوزارة المختلفة لإبداء الرأي فيها، وذلك تحت عنوان المساهمة في تعزيز الشراكة بين الوزارات والخبرات الأكاديمية والمجتمع المدني وتقديمها كنموذج تعاون بين الطرفين بهدف تقديم المساعدة وإطلاع الرأي العام على ما تقوم به الوزارات والمؤسسات الرسمية. يثير تشكيل المجلس الاستشاري تساؤلات حول تداخل الصلاحيات مع الوحدات الادارية داخل الوزارة وجدوى مجلس اشتشاري يضاف الى مجموعة الاستشاريين الملحقين بالوزارات.

إنجازات المجلس: الاجازة بالصرف

طيلة الاعوام ال ١٩ كانت إنجازات مجلس إدارة كهرباء لبنان برئاسة كمال الحايك تتراجع. وكان المجلس يجيز صرف 700 مليون دولار سنويا. هذا المبلغ كان يجاز صرفه سنويا بـ"شحطة قلم" من رئيس المجلس وأمين الصندوق من دون أي رقابة. علماً أن المؤسسة تخضع وفق المرسوم 16878 لرقابة لاحقة من ديوان المحاسبة،  ولكنها تخضع لرقابة مراقب عقد النفقة الذي يمثل المراقب المركزي في كل المؤسسات والإدارات الرسمية، وهو يرتبط برئيس مصلحة الموازنة ومراقبة النفقات في وزارة المالية. كما يمكن أن تخضع المؤسسة لمراقبة محلية من قبل التفتيش المركزي (التفتيش العام المالي). ولكن هل قام التفتيش المركزي بمساءلة مؤسسة كهرباء لبنان عن آلية صرفها وكيفيته خلال السنوات العشر الأخيرة؟ سؤال يُجيب عليه معنيون بالنفي. فهل من يُسجّل اعتراضاً؟

أضف إلى ذلك، أن "كهرباء لبنان" حصلت وفق موازنة العام 2020 على سلفة حزينة طويلة الأجل بقيمة 1500 مليار ليرة لبنانية. وبالرغم من انخفاض أسعار النفط عالمياً إلى مستويات لامست الـ20 دولاراً للبرميل، لم تُعلن مؤسسة كهرباء لبنان عن أي وفر في موازنتها، أو عن اتجاه للاستفادة من هذه الفرصة العالمية نادرة الحدوث.

دور المجتمع الدولي 

اليوم يشترط المجتمع الدولي لمساعدة لبنان تخفيض عجز مؤسسة كهرباء لبنان وتطبيق الإصلاحات الضرورية في هذا القطاع، كتعيين مجلس إدارة جديد والهيئة الناظمة، بالإضافة إلى رفع التعرفة. ويبقى ان النية باصلاح القطاع ابداها كل من الذين تعاقبوا على وزارة الطاقة، الا ان الافعال لم تأت مطابقة لاعلان النيات. وقد يكون اعلان وزارة الطاقة عن اطلاق مسار التعيينات في مجلس ادارة الكهرباء كأستجابة لمطالب الاصلاح التي يطالب بها المجتمعات الدولي والمحلي. تامين نزاهة وشفافية هذه التعيينات ستكون تحت المجهر، لاسيما ان هذا المسار يبقى معرضا لاطماع الاستئثار بالسلطة.

 

TAG : ,كهرباء لبنان ,وزارة الطاقة والمياه ,الحوكمة ,التعيينات