Loading...

بعد الوباء والغلاء.. القابلات القانونيات إلى الواجهة في لبنان

 

ليست بطبيبة أو ممرضة، وبالتّأكيد ليست بـ "الداية" أو أيّ من التوصيفات النمطية التي يشار بها إلى القابلات القانونيات خصوصًا في لبنان. فمقدّمة الرعاية الصحية التي لطالما كان دورها في المستشفيات يقتصر على مساعدة الطبيب ورعاية الأم، أصبحت اليوم على وقع الأزمة الإقتصادية وهجرة الأطباء، حاجة ومقصدًا للعديد من النّساء اللواتي بدأن يعين دورها.

 

قبل ستة أشهر، قررت رجاء العرب (29 سنة)، وهي موظفة في مكتب سفريات، التوجّه الى قابلة قانونية في مركز طبي تابع لمنظمة أطباء بلا حدود في منطقة برج البراجنة، بعد ثلاثة أشهر من متابعة حملها لدى طبيبة نسائية، سعيًا للحدّ من التكاليف.

 

وتقول لموقع "مهارات نيوز": "لا ضمان لديَّ ولا تأمين، ولو أردت الولادة في المستشفى، لتوجّب عليَّ دفع 7 ملايين ليرة على الأقل وهذا ما لا أقوى عليه مع زوجي".

 

خلال أشهر حملها، واظبت رجاء على التوجّه إلى المركز الطبي لمعاينتها من قبل القابلات القانونيات العاملات فيه، بعدما قدّمت المستندات المطلوبة للتسجيل ضمن المستفيدات من الخدمات الصحية. وباتت، كما تروي، تحصل على الرعاية اللازمة والأدوية بشكل مجاني طيلة فترة حملها.

 

وتوضح رجاء "لا تقلّ القابلة القانونية عن الطبيبة النسائية، لكن ثمّة حالات طارئة تستدعي تدخّل الأخيرة"، على غرار ما حصل معها يوم الولادة، وهو ما استدعى تحويلها إلى أحد المستشفيات، لتضع طفلتها بعد عملية قيصرية بإشراف طبيب مختص وبحضور القابلة.

 

مع ارتفاع كلفة المعاينات الطبية، باتت نساء كثيرات يقصدن مراكز طبية تابعة لجمعيات محلية أو منظمات دولية من أجل الحصول على الرعاية الصحية اللازمة.

 

 وبحسب مقارنة أجرتها نقابة القابلات القانونيات بين عامي 2020 و2021، إرتفعت الولادات عند القابلات بنسبة 161 في المئة.

 

وتوضح نقيبة القابلات القانونيات في لبنان الدكتورة ريما شعيتو أن ازدياد دور القابلات بدأ مع انطلاق الأزمة السورية وبدء تدفّق اللاجئين إلى لبنان، مع بحث منظمات الأمم المتحدة عن "نموذج للرعاية ذي جودة وتكلفة أقل".

 

وتضيف "مع مرور الوقت وتفشي وباء كوفيد-19 والأزمة الإقتصادية، إزداد أيضًا توجه اللبنانيات نحو القابلات". وتقول "كنا نعمل في 20 عيادة سنة 2014 واليوم نحن في 60 عيادة للتوليد والمعاينة في المناطق كافة".

 

والقابلة القانونية، كما تشرح شعيتو، هي مقدّم رعاية صحيّة ترافق الحامل خلال فترة الحمل، شرط أن يكون الحمل طبيعيًا من دون خطورة وخال من الأمراض كالضغط والسكري وغيرها. ولديها من المؤهّلات العلميّة ما يمكّنها من تقدير ما إذا كان هناك من عوامل خطر، مستعينة  بالفحوصات والمعاينات. وإذا ثبت ذلك، يتم تحويل السيدة إلى طبيب اختصاصي.

 

وتوضح شعيتو أن القابلة مؤهّلة، وفق القانون ومن خلال تحصيلها العلمي، لأن تجري ولادات طبيعية، إلا أنّه لا يحقّ لها بحسب القانون إجراء أي عمل جراحي أثناء الولادة، إلا لتسهيل خروج المولود.

 

وللقابلات القانونيات نقابة قانونية منذ العام 2014. وتدّرس ثلاث جامعات هذا الاختصاص في لبنان: الجامعة اليسوعية حيث بدأ الإختصاص، والجامعة اللبنانية التي تجذب العدد الأكبر من الطلاب في مختلف المناطق، إضافة إلى جامعة العائلة المقدّسة في البترون. 

 

 

رحلة تغيير طويلة

منذ العام 1998، تستقبل عضو لجنة عيادات القابلات القانونيات في لبنان هدى فيصل النساء الحوامل في عيادتها في الضاحية الجنوبية. 

 

توافق فيصل في تصريح لموقع "مهارات نيوز" على أن الأزمات ساهمت بتظهير دور القابلة أكثر خصوصًا جائحة كورونا التي زادت من إقبال النساء على القابلات خشية من التوجّه إلى المستشفيات. كما لعبت هجرة الأطباء وارتفاع كلفة المعاينات على وقع الانهيار الاقتصادي دورًا في هذا السياق، ذلك أن الكلفة أقل وأغلب العيادات مجهزة ضمن الشروط المطلوبة.

 

ولكن من خلال مسيرتها المهنية الطويلة، تجزم فيصل أن السيدة اللبنانية باتت تقصد العيادات اليوم، لا جراء السبب المادي فحسب، ولكن أيضًا بسبب ثقتها بالقابلة وتفهم دورها. 

 

هذه الثقة دفعت ربّة المنزل فاتن الموسوي (39 سنة) قبل قرابة عشرين عامًا لارتياد عيادة قابلة قانونية، وضعت على يديها ثلاثة من أولادها.

 

وتقول "توجّهت إلى القابلة لأنني إرتحت في التعامل معها وأثق بالخدمات التي تقدمها"، موضحة "من السهل التواصل معها في أي وقت للمراجعة والإستشارة وتقديم النّصائح، عكس الطبيبة التي قد لا تملك الوقت الكافي".

 

TAG : ,القابلة القانونية ,رعاية صحية ,المستشفيات ,النساء ,طبيبة ,ممرضة ,داية ,مركز طبي ,الحمل ,المعاينات الطبية