Loading...

المرافئ البديلة عن مرفأ بيروت.. مؤسسات مستقلة تستدعي تشديد الرقابة

 

أبرَزَ تفجير مرفأ بيروت الكارثي في الاسبوع الماضي، الدور البديل لمرافئ حيوية لبنانية أخرى يمكن أن تكون بديلاً مؤقتاً عن المرفأ الذي كان يستقبل 70% من البضائع المستوردة الى لبنان عبر البحر. كما كشف عن الجانب القانوني المعقد الذي يحيط بتلك المرافئ وطريقة ادارتها، خصوصاً وأنها تخضع لرقابة لاحقة من ديوان المحاسبة، شأنها شأن الكثير من المؤسسات العامة في لبنان.

وإذا كان الحديث يتركز حالياً على المرافىء البديلة على طول الخط الساحلي عن مرفأ بيروت لإنجاز عمليات الإستيراد والتصدير اليومية، كمرفأ طرابلس (شمالي لبنان)، ومرفأ صيدا وصور (جنوب لبنان)، فإن العديد من المراقبين يرون أن السعة الاستيعابية لمرفأ بيروت لا يمكن تعويضها بسهولة.

في المبدأ، تعدّ المرافئ في لبنان مؤسسات عامة مستقلة، تخضع بشكل أساسي لوزارتي الأشغال العامة والنقل (وهي سلطة وصاية) والمالية التي تضطلع بدور إقرار موازنة المرفأ، أو أي قرار كتعديل رسم أو تعرفة. وتخضع المرافئ، كما هو مفترض، لرقابة ديوان المحاسبة والتفتيش المركزي ومجلس الخدمة المدنية.

ويؤكد رئيس الدائرة القانونية في مرفأ طرابلس ونائب مدير المرفأ علي كلاكش في حديث لـ"مهارات نيوز" أن "ديوان المحاسبة يقوم برقابة لاحقة على المرفأ، شأنه شأن معظم مؤسسات لبنان التي تخضع للرقابة اللاحقة،  بهدف الحفاظ على إستقلاليتها وإنجاز المعاملات والعمل بسرعة، لذلك أُعفيت من الرقابة المسبقة، بعكس الوزارات التي تخضع لرقابة مسبقة من الديوان، من خلال إحالة أي معاملة إليه للتدقيق بها".

وبالتالي فإن إدارة هذه الموانئ هي بيد مؤسسات إستثمار عامة، وفق ما يقول رئيس مصلحة الاستثمار في ميناء صور علي خليفة في حديث على عكس ما هو حاصل في مرفأ بيروت. ويوضح في تصريح لـ"مهارات نيوز" ان "مرفأ صور هو مؤسسة عامة لديها إستقلال مالي واداري، وعليها سلطة وصاية من قبل وزارة الاشغال العامة والنقل". ويشير الى "أننا في مرفأ صور نخضع لرقابة التفتيش المركزي ومجلس الخدمة المدنية ورقابة ديوان المحاسبة اللاحقة"، مؤكداً أن سلطة الوصاية لا تأخذ قرارا عن ادارة المرفأ، بل تضطبع بمهمة التصديق على القرار الذي نتخذه، رغم ان هناك بعض القرارات خاضعة لسلطة وزير الاشغال وأخرى خاضعة لسلطة وزير المالية التي تتخذ القرارات المالية كنظام التعريفات وسلسلة الرتب والرواتب، وهذه الاخيرة تحتاج الى موافقة مجلس الوزراء أيضاً".

فئتان وثلاث درجات

تعرف المادة 2  من نظام المرافئ والموانئ اللبنانية قرار رقم 31/1 - الصادر في 26/1/1966، المرافىء والموانىء بأنها "الحوض او مجموعة الاحواض البحرية المجهزة بالارصفة والانشاءات الثابتة، والتجهيزات التي تؤمن للسفن سلامتها وتسهل لها الرسو وانجاز اعمالها المرفأية مباشرة على الارصفة"؛ فيما يعرف بالميناء بـ"الثغر او الجون البحري الصالح لرسو السفن بدون وجود تجهيزات وإنشاءات مرفأية".

أما المادة 3 فتصنف المرافئ والموانئ لجهة منشآتها والاعمال التجارية فيها الى فئتين:

الفئة الاولى  :الدرجة الاولى: مرفأ بيروت، الدرجة الثانية: مرفأ طرابلس، الدرجة الثالثة: مرفأ صيدا.

الفئة الثانية :الدرجة الاولى: ميناء صور، الدرجة الثانية: موانئ: جونية وجبيل وشكا، والموانئ الواقعة على الشاطئ والمعدة لقوارب الصيد وزوارق النزهة.

مرفأ طرابلس

ساهم تصنيف مرفأ طرابلس ضمن الفئة الاولى، في الاضاءة على دور متوقع له كبديل أساسي عن توقف الملاحة في مرفأ بيروت، وذلك لا يقتصر على حجم المرفأ وامتداداته ومنافعه الاقتصادية فحسب، بل ينسحب على اجراءات فيه تتمثل في محاولات مكافحة البيروقراطية وتعزيز التبادل الإلكتروني بين المرافئ لتسهيل المعاملات الجمركية.

بعد ساعات على التفجير المدمر في بيروت، في 4 آب/أغسطس الحالي وأدى لتضرر القسم الأكبر منه، بدأ بحث الأجهزة والوزارات المعنية عن بديل لإستيعاب وقف العمل به، ومن بينها ما أعلنه وزير الأشغال العامة اللبناني المستقيل ميشال نجار في 5 آب/ أغسطس الحالي  "أن الحكومة بدأت بوضع الخيارات المتاحة لتعويض غياب مرفأ بيروت بمرافئ أخرى، قادرة على تلبية إحتياجات حركة الشحن والتخليص"، بعد أن سبقه بيوم واحد إقرار المجلس الأعلى للدفاع بُعيد التفجير تجهيز هذا المرفأ لتأمين العمليات التجارية من إستيراد وتصدير، خصوصاً أن نحو 70 في المائة من إستيراد لبنان كان يتم عبر مرفأ بيروت.

هذان العاملان (مكافحة البيروقراطية وتعزيز التبادل الالكتروني) يأتيان من ضمن البنود التي تضمنتها الإستراتيجية المتكاملة التي وضعها وزير الأشغال العامة والنقل السابق يوسف فنيانوس لإيجاد سياسة بحرية ترعى شؤون هذا القطاع الاقتصادي المهم، ليكون على المستوى المطلوب محليا ودوليا، لكن يبدو أن هذه الخطة لم تكتمل بعد بدليل تصريحه في 6 شباط / فبراير 2019  قائلاً: "هذه الإستراتيجية موجودة الآن في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، والوزارة تقوم بالتنسيق مع لجنة الخصخصة والشراكة بإعداد خطة استراتيجية شاملة لكل المرافئ اللبنانية ".

تأسس مرفأ طرابلس عام 1959، ويحتوي إمكانات كبيرة، خصوصاً لجهة عمق حوضه، مما مكّنه من إستقبال سفن صخمة، كذلك، فإنّ المساحات البحريّة المفتوحة أمام المرفأ تتيح له إستقبال أعداد كبيرة من السفن، كما تتيح إستدارة سهلة لها. وهو يتمتع بحوض واحد وثمانية أرصفة عمقها بين (8-10) متر،  بالإضافة إلى رصيف جديد تم إنشاؤه حديثاً وصل عمقه إلى 15. ويتبع مرفأ طرابلس لهيئة ميناء لبنان، وهي عبارة عن مجلس مستقل ادارياً ومادياً مؤلف من 6 أعضاء يعاد تشكيله كل ثلاث سنوات.

في السنوات القليلة المنصرمة، جُهز ولأول مرة برافعتين ضخمتين، مكنته من تفريغ البضاعة سريعاً من السفن الوافدة إليه، رغم إستقباله للسفن الضخمة، لكن في ظل ضعف تجهيزاته مقارنة مع مرفأ بيروت، ولغياب إهراءات حبوب فيه، ثمة شكوك حول قدرة المرفأ على تعويض النقص الذي تركه تعطل مرفأ بيروت.

ويأمل مدير المرفأ أحمد تامر في حديث مع "مهارات نيوز" أن تتمكن إدارة المرفأ من زيادة عمق حوضه من 15,5 متر إلى 17 متر، ومد رصيفه البالغ حالياً 600 متر طولاً، إلى ما يناهز الـ1100، ما يؤهله لمواجهة مختلف تحديات النقل البحري مستقبلاً، لكن العمل الذي كان مفترضاً الشروع به لتطوير المرفأ لم يبدأ بعد.

استقلال مالي واداري

يتمتع مرفأ طرابلس بالإستقلال المالي والاداري ويخضع للنظام العام للمؤسسات العامة بموجب المرسوم رقم 4513، ويتولى إدارته مجلس إدارة مؤلف من 6 أعضاء لمدة 3 سنوات. يوضح كلاكش أن "المدير العام وكأي مدير عام في الدولة يتم تعيينه بموجب مرسوم في مجلس الوزراء بناء على إقتراح من وزير الاشغال، فيما يتم تعيين رؤساء الاقسام والموظفين بموجب مباراة مجلس الخدمة وفقا لقانون الموظفين 112" فضلا عن وجود نظام المستخدمين في المرفأ الذي يستند في مواده الأساسية إلى المواد التي يتضمنها هذا القانون.

والحال، تدير المرفأ "مصلحة استثمار مرفأ طرابلس" التي انشئت بغاية ادارة واستثمار الاحواض والارصفة والمخازن الجمركية والاراضي التي تؤلف منشآت المرفأ الجديد في "طرابلس الميناء"، والتي تشكل جزءا متمما له تعتبر هذه المصلحة من المؤسسات العامة وتوضع تحت سلطة وزير الاشغال العامة والمواصلات (المديرية العامة لمراقبة الشركات والشؤون المائية والكهربائية) ويكون مركزها في مدينة "طرابلس الميناء" وتتمتع بالشخصية المدنية والاستقلال الاداري والمالي وفاقا لاحكام هذا المرسوم الاشتراعي وللاحكام القانونية المختصة بهذه المؤسسات.

وبحسب قانون انشاء المصلحة، ينقسم مجلس الادارة الى رئيس "يُعيّن بمرسوم بناء على اقتراح وزير الاشغال العامة والمواصلات، ويجب ان يكون من أهل الخبرة في الادارة، أما الاعضاء الستة فهم عضو يمثل وزارة المال، وعضو يمثل وزارة الاشغال العامة والمواصلات، واربعة اعضاء من اهل الخبرة في التجارة والاقتصاد، وشؤون المناقلات البحرية والترانزيت". ومن صلاحيات مجلس الادارة، بحسب القانون، "ادارة المرفأ بمقتضى نظام خاص يضعه مجلس الادارة ويصدق بقرار من وزير الاشغال العامة والمواصلات اما استثمار المخازن الجمركية فيخضع لنظام داخلي خاص يوضع بالاتفاق مع ادارة الجمارك - تمثيل الادارة لدى القضاء بشخص رئيس المجلس او اي عضو آخر يفوضه المجلس بذلك"، فضلاً عن "تحضير الموازنة وما يتفرع عنها كنقل الاعتمادات وقطع الحساب السنوي وسائر الشؤون المالية المتعلقة بكيفية التحصيل واقرار وجوه الدخل والانفاق".

ويمتلك رئيس المصلحة صلاحيات واسعة، كذلك مجلس الادارة، ومن ابرز صلاحياته "يعين مجلس ادارة مصلحة استثمار مرفأ طرابلس مستخدمي المصلحة ويعزلهم ويصرفهم من الخدمة ويحدد التعويضات والجعالات والمنح التي تعطى لهم ضمن حدود الموازنة ويقرر سائر الشروط المتعلقة بالخدمة ويقوم رئيس مجلس الادارة بتنفيذها".

يقرر مجلس الادارة خلال شهر تشرين الاول/اكتوبر من كل سنة موازنة المصلحة المتضمنة تقديرات النفقات والواردات التي يضعها الرئيس للمدة من اول كانون الثاني/يناير حتى 31 كانون الاول من السنة التالية. ويودع نسخة عنها وزارة الاشغال العامة والمواصلات ووزارة المالية قبل 15 تشرين الثاني/نوفمبر للمصادقة عليها قبل انقضاء السنة.

والمرفأ الحائز على شهادة  الإيزو 9000 ISO  (وهي عائلة معايير أساسية عالمية، تتضمن مجموعة من المعايير ضمن نظام إدارة الجودة) في العام 2011 ، المتعلقة بمعايير "الحكومة الرشيدة والشفافية"، وتقوم سنوياً بمجموعة من عمليات التدقيق للتأكد من الإلتزام بهذه المعايير الدولية، يمتاز المرفأ بتبسيط المعاملات وترشيد كلفتها واختصار أعداد النماذج، والتخفيف من المستندات والوثائق والإفادات المطلوبة لإنهاء المعاملات، وتحديد مهل لإنجاز مختلف مراحل هذه المعاملات بالتنسيق مع مجلس الخدمة المدنية، والعمل على التوسّع في إستعمال شبكة الإنترنت تسهيلاً لتقديم المعاملات إلى المواطنين والبتّ بها بسرعة( خلال 5 أيام كحد أقصى)، بحسب ما يقول كلاكش.

وتبقى المنطقة الإقتصادية الخاصة القائمة بمحاذاة المرفأ، والتي أقرها مجلس الوزراء في 29 آذار/مارس 2018، بمثابة الفرصة لمشاريع إستثمارية في التجارة، علماُ أنها مؤسسة مستقلة عن مرفأ طرابلس، وفي ذلك يشرح كلاكش: " هي مختصة بإقامة المصانع واللوجستيات، وبإمكان أي شركة في العالم أن تبني مصنعأ لها أو أي منشأة تجارية إقتصادية، ويكون المرفأ هنا وسيلة الإستيراد والتصدير ما يخفف عن التجار من تكاليف النقل التي هي أساسية في التجارة، وتكون معفية من الرسوم الجمركية، وهناك حوافز جمركية لتشجيع الإستثمار فيها، ونتمنى أن تباشر المنطقة بالعمل قريباً".

مرفأ صيدا

من بين مرافىء الفئة الأولى، يبرز مرفأ صيدا الى الواجهة مجدداً والذي يتألف من عدد من المنشآت التي يديرها القطاع الخاص، وتتضمن مرافق  لمعالجة المشتقات النفطية، إضافة الى احتوائه على رصيفين ومرسى للسفن.

وفي إطار "خطة التكامل بين المرافئ" التي سبق وأعلنتها وزارة الأشغال العامة والنقل، لتأمين انتظام حركة الملاحة التجارية عبر تحويل بواخر الى مرافئ طرابلس وصيدا وصور جراء كارثة انفجار مرفأ بيروت، إستقبل مرفأ صيدا الجديد باخرتي قمح على متنيهما 11 ألف طن ونصف طن. وأشرفت رئاسة مرفأ صيدا والأجهزة الأمنية على إفراغ الحمولتين اللتين حوّلت وجهتهما من بيروت إلى صيدا بعد الانفجار. ودشنت الباخرتان حركة البواخر التي سترسو في مرافئ صور وصيدا وطرابلس في الأشهر المقبلة.

وكانت صيدا قد شهدت العام الماضي إستحداث هذا المرفأ "الحلم" بديلاً من المرفأ القديم الذي يعود إنشاؤه إلى أيام الفينيقيين، وليس باستطاعته استقبال البواخر الكبيرة نظراً الى صغر مساحته، حيث تفقدت النائب بهية الحريري يرافقها رئيس بلدية صيدا محمد السعودي في 21 آب 2019  تقدُّم سير العمل فيه بحضور المدير العام للنقل عبد الحفيظ القيسي ورئيسة مرفأ صيدا ميريام سليمان.

ويتضمن المرفأ رصيف رسو البواخر بطول  125 متراً،  ورصيف آخر بطول 50 متراً، ومبانٍ تابعة لكل الأجهزة المعنية: رئاسة الميناء ومصلحة الاستثمار والأجهزة الأمنية من أمن عام ومخابرات جيش وجمارك، كلها ضمن مبانٍ موحدة لتسهيل عمل كل المواطنين، وهو من تنفيذ  وزارة الأشغال العامة والنقل -المديرية العامة للنقل البري والبحري، فيما تمت المناقصات من خلال الموازنات المرصودة للمديرية.

تدير مرفأ صيدا "مصلحة استثمار مرفأ صيدا" ، وتتولى المصلحة إدارة واستثمار الأحواض والمساحة المائية والأراضي والأرصفة والمخازن الجمركية والأبنية التي تؤلف منشآت مرفأ صيدا الحالي، وتشمل صلاحياتها كامل النطاق الجديد للمرفأ المذكور المحدد بالمنطقة البحرية الواقعة ما بين جامع الزعتري ومصب نهر سينيق.

تتمتع هذه المؤسسة بالشخصية المعنوية وبالاستقلال المالي والإداري وتخضع لأحكام المرسوم رقم 4517 تاريخ 1927/12/13 (النظام العام للمؤسسات العامة) وللأحكام الخاصة بالمرافئ والموانئ . وهي ترتبط بوزارة الأشغال العامة والنقل وتخضع لوصايتها الإدارية.

اللافت انه بحسب القانون، يجري الاستخدام بقرار من المدير بعد موافقة مجلس الخدمة المدنية باستثناء رئيس دائرة المحاسبة المالية (المحتسب) ورئيس الدائرة الادارية (مراقب عقد النفقات) اللذين يستخدمان وفقا لاحكام النظام العام للمؤسسات العامة. ولا يصبح الاستخدام نافذا الا بعد تصديق سلطة الوصاية.

ويدير مرفأي صيدا وصور رئيس الميناء ويعين ايضا من قبل وزارة الاشغال العامة والنقل، والتي تقوم أيضا بتعيين رؤساء الاقسام الذين يشغلون هذه المناصب، وكذلك الأمر فإن القوانين المعتمدة في آلية التعيينات تخضع لوزير الأشغال العامة والنقل.

مرفأ صور

على بعد 40 كيلومتر من صيدا، يستعيد مرفأ صور أهميته وهو الذي تجاوز عمره الـ 100 سنة، ولا يستخدم إلا للقليل من عمليات الشحن، ويحتوي على 4 أرصفة ويمكنه إستيعاب السفن العابرة للمحيط، ولا يحتوي على معدات تفريغ بضائع ومرافئ للتخزين.

وقد تفقد هذا الميناء في 7 آب/أغسطس الحالي الوزيرين المستقيلين وزير الأشغال العامة والنقل ​ميشال نجار​ و​وزير الصناعة​ ​عماد حب الله​ مرفأ حيث شدد نجار على أننا ​نتطلع الى ميزة المرفأ التنافسية ولن نسمح بإهمال هذا المكان التاريخي، فيما تتوضح معالم الإهمال في تصريح النائبة عناية عز الدين بمطالبتها بتحويل هذا المرفأ إلى فرصة للبنان​ خصوصاً بعد الكارثة التي حلت بالمرفأ الأساسي للبنان، قائلة: "هذا المرفأ مهمل سواء على مستوى الامكانيات أو على مستوى التجهيزات أو التوسعة واستقبال البواخر التي تحتاج إلى مرسى يكون ذات عمق أكثر في المياه، وعليه نرى أن اللحظة التاريخية والمناسبة قد أتت لرفع الإجحاف والإهمال عنه وعن المدينة ومحيطها، وتحويله إلى فرصة حقيقية لكي لا يكون هذا المرفأ بديلاً عن مرفأ الأمّ ​بيروت​، بل مساعداً له".

تتمثل أوجه الاختلاف بين مرافئ صيدا وطرابلس وصور هو خضوعهم للمرسوم رقم 4517 المتعلق بالمؤسسات العامة، فيما مرفأ بيروت غير خاضع له، ويتمتع بهيكلية ذاتية، بحسب ما يقول خليفة في حديثه لـ"مهارات نيوز". فالمرفأ قديم، و"لم تنفق الدولة عليه ليرة واحدة منذ 50 عاماً لتأمين احتياجاته"، ذلك ان "البنى التحتية خارج المرفأ ضعيفة ونحن نحتاج الى زيادة الاعماق إلى حدود ال 15 متراً، وإلى عمليات الردم لتوسعة المرفأ وكذلك الانارة والهاتف وغيرها من الامور اللوجستية".

وفيما يخضع إجراء أي مناقصة لسلطة  وزير الاشغال من ناحية تصديقها فقط، تخضع مداخيل المرفأ لرقابة لاحقة، من قبل مراقب مالي حيث أن هناك ادواراً لوزارة المالية والتفتيش المالي والتفتيش المركزي، وفق خليفة.

مرافئ صغيرة ومطالب بالحوكمة

الى جانب تلك المرافئ، ثمة مرافئ صغيرة على الساحل اللبناني لا يمكن ان تضطلع بدور تعويضي عن  تأذي مرفأ بيروت. مرفأ شكا يتم من خلاله إفراغ بواخر صغيرة الحجم، فيما يبعد عنه مرفأ جبيل بضعة كيلومترات، وهوخاص بالصيادين فقط، ولا يملك أي مقومات ليكون بديلا ولو جزئيا لمرفأ بيروت، لعدم احتوائه على منصات الشحن والتخليص أو المخازن. أما الجية، فيعد  أحد المرافئ غير الشرعية التي ظهرت أثناء الحرب الأهلية ثم تمت إعادة تأهيله واستخدامه في تفريغ المشتقات النفطية.

ما يجدر التوقف عنده أن حجم الترانزيت المرتفع وفي ظلّ فرضية تحوّل لبنان إلى Hub إقليمي يحتاج إلى مرافئ تستوعب بواخر عملاقة، لكن من دون أن تكون هناك مراقبة فاعلة، وشفافية في العمل، وقانون يمنع على كلِّ مَن يتعاطى الشأن العام تعاطي الشأن الخاص، وقوانين تضمن حقوق التجار والمستثمرين وبضائعهم في المرحلة المقبلة، يبقى مشهد  "خطة التكامل بين المرافئ" المعلنة ناقصاً، مع تقاطع إطلاق الوعود من الوزارات والجهات المعنية بدعم أكثر موانىء الفئة الأولى وميناء صور من الفئة الثانية، والمرجح أنها ستبقى كما عشرات الوعود التي أطلقها الوزراء المعنيين بالرغم من أن الظروف الحالية تعتبر ضاغطة للسير بهذه الوعود نظراً للحاجة الماسة لتنفقيذها.

TAG : ,المرافئ البديلة ,مرفأ بيروت