Loading...

انهيار العملة ينهك قطاع العقارات في لبنان

" كان لدي مبلغ لا بأس بس في المصرف، وعند تدهور الوضع الاقتصادي في عام 2019، استخرجت ما يمكن استخراجه وقررت الاستثمار في عقار متواضع. انا لست بحاجة الى هذا المنزل ولكن كان عليا ان اتصرف قبل فوات الأوان." هكذا تحدث طوني أبو معروف عن تجربته في انقاذ ما تبقى من أمواله في المصارف عبر الاستثمار في قطاع العقارات. فبعد الازمة النقدية والمصرفية واحتجاز أموال المواطنين في المصارف عام 2019، تهافت عدداً كبيراً من المواطنين الذين يملكون حسابات بنكية الى استخراج أموالهم او جزء منها عبر الشيكات المصرفية، لتكون وجهتها الاستثمار في قطاع العقارات، حيث وجدوه مخرجاً لإنقاذ ما تبقى من أموالهم بعد ان فقدوا الثقة بالقطاع المصرفي.

مر قطاع العقارات في لبنان بسلسلة من الشد والجذب خلال العامين الماضيين بعد فترة الانتعاش، التي كانت موجودة حتى العام 2017 مع توقف قروض الإسكان، التي كنا المواطن يعتمد عليها يشكل كبير لشراء منزل، بسبب التسهيلات الكثيرة لطرق تسديد هذه القروض، حيث كان يصل سقف التمويل المدعوم من المصارف لهذه القروض لما يقارب ٩٠٪. لكن أثر الازمة الاقتصادية ظهر جليا عندما أصبح من شبه المستحيل أخذ موافقة على قرض إسكان في أوائل عام 2017، وهكذا "كرت مسبحة الانهيار".

أثر إيجابي

 كان الشيك الطريقة السهلة لدفع مبالغ كبيرة خلال الأزمة، وساهم بشكل كبير في الحفاظ على الاسعار في قطاع العقارات، لا سيما في بداية الازمة. وبحسب ما أكد الخبير الاقتصادي ايلي يشوعي لـ "مهارات نيوز" بأن قبول الشيكات المصرفية كانت الطريقة الاسهل والمتوفرة لدى ملاك العقارات والشركات العقارية لتسديد ديونهم المتراكمة في البنوك في ظل غياب الدولارات، فتم تسديد ما يقارب الـ ٩٠٪ من دينهم للبنوك بهذه الطريقة.

 لكن الحالة الإيجابية التي فرضتها الشيكات المصرفية كانت لفترة محدودة، مع تراجع قيمته الحقيقة في السوق الى اقل من 20% من قيمته على الورق.

وهذا ما أكده المهندس المدني جان نجم، حيث لفت نجم الى ان "موضوع القبض عبر الشيكات المصرفية توقف، ففي الوقت الذي كان الشيك فيه يصرف، كانوا يتقاضون من أصل من ١٠٠ ألف دولار 60 ألف دولار ومع الأيام انخفض هذا الرقم للوصول الى قبض فقط 20 % من قيمته، ولهذا السبب لم يعد يقبل أي تاجر عقارات بالشيك، وأصبح الدفع كله نقدي بسبب حاجتهم للدولارات النقدية.

انخفاض كبير

شهد عام 2021 انخفاضاً في المبيعات في قطاع العقارات، على عكس ما شهده عاميّ 2019-2020 بحسب نجم. حيث قال نجم "قبل عام 2019، هذا المجال كان في موت سريري، والسبب كانت الفوائد التي كانت البنوك تفرضها على المواطنين. ولكن اول الازمة شهد هذا المجال ارتفاع كبيراً في المبيعات، والسبب الأساسي هو انقاذ الناس قدر المستطاع من أموالها في البنوك."

يأتي الانخفاض لأسباب عدة، اهمها تضخم سعر صرف الليرة. حيث ان الشقة التي كان ثمنها في منطقة الشمال 150 ألف دولار، أصبحت ب 70 ألف، لان هذا المبلغ بات يعادل السعر القديم بعد انخفاض سعر صرف الليرة، وهذا ينعكس ايضاً بنسب اعلى في منطقة بيروت، ولكن لم تصل الأسعار كما يشاع، مثلا بأن عقار بـ 200 ألف دولار أصبح ب 40 ألف دولار نقداً .

كما يرجع الانخفاض الى غياب الاستثمار في هذا القطاع، فلا يمكن لأي شركة بناء او مهندس ان يطلقوا ورشة بناء في ظل غياب الدولار، خصوصاً ان كل مستلزمات البناء باتت تسعر "بالفريش" دولار.

ويقول نجم ان البناء اليوم هو فقط للميسورين ماديا. لكن المهندسون بالرغم من ذلك يطلبون رخص بناء من نقابة المهندسين ويتم تسجيلها في الدوائر العقارية، للاستفادة منها مستقبلا في حال تحسن الوضع الاقتصادي، لكنهم في الوضع الراهن يخافون من الاستثمار من دون مردود.  

واللافت انه رغم الانكماش في هذا السوق حاليا، الا ان هناك مناطق مزدهرة على صعيد الحركة العقارية، ولا سيما منطقة البترون، حيث شهدت حركة شراء للعقارات في الآونة الأخيرة، ربما بسبب موقعها وتصنيفها كمنطقة سياحية، والاستثمارات بأغلبيتها تأتي من سواح أجانب.

بدا ان قطاع العقارت سيبقى في الفترة الحالية في مرحلة الموت السريري، حاله حال قطاعات أخرى في لبنان، على الرغم من تشكيل حكومة "الانقاذ"، التي كانت من المفترض بها انتشال لبنان من ازماته، وبدء المفوضات مع الصندوق النقد الدولي والإصلاحات النقدية ووقف الانهيار.

TAG : ,انهيار العملة ,قطاع العقارات ,لبنان