Loading...
false

غير صحيح

هل يمكن انهاء عقد سوناطراك قبل انتهاء مدته؟
20/05/2020

في اطار تلاوة وزيرة الاعلام منال عبد الصمد مقررات مجلس الوزراء في الجلسة التي عقدت في ١٩ ايار ٢٠٢٠، دار حوار بين الوزيرة عبد الصمد والصحافيين فاجابت ردا على سؤال بخصوص سوناطراك: "نحن ننتظر فعليا الرأي القانوني لهيئة التشريع، وفي الوقت عينه يفترض ان يكون القضاء هو من يبت في هكذا مواضيع ويعالجها، ونحن ليس لدينا اي تدخل في القضاء. وانه على ضوء ذلك سيتم اتخاذ اي اجرءات في مجلس الوزراء."

واضافت ردا على سؤال اخر: "ان مدة عقد سونطراك مستمرة حتى 31/12/2020، ومن المفترض ان يتم تطبيق هذا العقد بحسب احكامه، ذلك ان العقد هو شرعة المتعاقدين.“

فما صحة وجوب تطبيق العقد لغاية انتهاء مدته على ان العقد شرعة المتعاقدين؟

ان كون العقد شريعة المتعاقدين لا يلغي امكانية انهائه قبل المدة المحددة فيه اذا تم الاخلال بالموجبات التعاقدية او اذا حصل تنفيذ للعقد وغش بغير حسن نية.  وعادة ما تحدد العقود المسؤوليات في حال الاخلال بالموجبات التعاقدية وتحدد الاسباب التي قد تؤدي الى انهاء العقد بغير التراضي.

يقتضي اذا تطبيق هذه المبادئ على عقد سوناطراك والتساؤل عما اذا تضمن تحديدا للمسؤوليات واسبابا لانهاء العقد. يصعب الاجابة عن هذا التساؤل في ظل عدم نشر العقد ولكن سنحاول الانطلاق من المبادئ العامة ومن نسخة قديمة للعقد تم تسريبها.

صحيح ان "العقد شريعة المتعاقدين“ هو مبدأ قانوني عام، كرسته القوانين المحلية والدولية، يعرف باللاتينية ”Pacta Sunt Servanda“، الا انه بالرغم من ان العقود المنشأة على الوجه القانوني تلزم المتعاقدين ولكن يجب ان تفهم وتفسر وتنفذ وفقا لحسن النية والانصاف والعرف. كما ان اي اخلال بالموجبات التعاقدية يشكل خرقا للعقد الذي يتضمن دائما بنودا تتحدث عن شروط الفسخ او الابطال، وطبعا يشكل الغش احد الاسباب الاساسية لبطلان العقود، ولو كان ذلك قبل مدة انتهاء العقد. كما من المتعارف عليه ان تتضمن العقود بنودا جزائية في حال التأخير بالتسليم ومن المنطق ان تتضمن ايضا بنودا جزائية عند مخالفة الموجبات التعاقدية. 

وبالنسبة للعقود الخاصة بشراء الفيول مثل حالة عقد سوناطراك مع وزارة الطاقة اللبنانية، فان النماذج العالمية للعقود لاسيما تلك التي ينشرها البنك الدولي على موقعه في قسم الموارد القانونية المتعلقة بالشراكة بين القطاع العام والخاص، فانها لا تبتعد عن المبادئ العامة التي ذكرناها والتي تنطبق على العقود اجمالا.

لا بد ان تتضمن هذه العقود شروط تفصيلية تتعلق بالمواد والتسليم وكافة الموجبات التعاقدية والحالات التي يحق فيها للشاري عدم تسلم البضاعة او رفضها اضافة الى الاسعار والرسوم. هذا فضلا عن تحديد المسؤوليات والتعويضات وشروط انهاء العقد او تعديله وصولا الى طرق حل النزاع والعلاقة بين الطرفين المتعاقدين ومبادئ حسن النية.

يذكر انه وبالرغم من الضجة المثارة حول عقد سونطراك مع الدولة اللبنانية والغش الذي تبين في الفيول الذي تم تسليمه الى لبنان فان العقد ما زال غير منشور وليس هناك شفافية في التعاطي مع هذا الموضوع ذات المصلحة العامة. وقد حصلنا على نسخة قديمة من العقد الاول الذي جرى بين الدولة اللبنانية وشركة سونطراك الذي يغطي الفترة الممتدة من ١ كانون الاول ٢٠٠٦ حتى آخر كانون الثاني ٢٠٠٨، ويتم تجديده كل ثلاث سنوات بشكل تلقائي الا في حال طلب اي من الفريقين الغاؤه في مهلة ٩٠ يوم قبل انتهاء السنة الثالثة. (الفقرة الثانية). ويتم فيه تحديد مواصفات الفيول اويل (الفقرة الثالثة) وتضاف فقرة انه في حال لم تكن المواد وفق المواصفات المطلوبة دون ان تكون ضمن خانة المرفوضة فيتم استلامها بعد حسم بنسب محددة في هذه الفقرة.

كما يتضمن العقد فقرة عن الكميات المطلوبة في السنة (الفقرة الرابعة) وعن التسليم وفق قواعد CIF (Cost, Insurance and Freight) (وهو موجب دولي في عقود الشحن يحدد ان المسؤولية تبقى على عاتق البائع لحين وصول البضاعة على خلاف FOB (Free on Board) الذي يوقف مسؤولية البائع عند تحميل البضاعة.) كما يتضمن العقد تحديد الاسعار وطرق الدفع واصول فتح الاعتمادات، لاسيما من مصرف لبنان وتمديد الدفع. هذا الى فقرة خاصة عن القوة القاهرة (٩) التي تعفي من المسؤولية. كما وانتقال المخاطر من البائع الى الشاري عند اجتياز سفينة الشحن نقطة الوصول الى المرفأ. ويطبق القانون الانكليزي والتحكيم على العقد. وطبعا المادة الاخيرة من العقد تؤكد على سريته ولا يمكن نشره الا الى السلطات اللبنانية والجزائرية المعنية.

يشار هنا الى ان مبادئ اساسية غابت عن هذا العقد لاسيما تحديد المسؤوليات بشكل مفصل خارج اطار القوة القاهرة وشروط انهاء العقد او فسخه بغير الانهاء الطوعي المنصوص عنه من اي من الفريقين. وان اي نزاع في هذا الاطار بسبب عدم وضوح العقد اساسا لناحية شروط فسخه وانهائه، يخضع للتحكيم وفق القانون الانكليزي مع كل ما يمكن ان يكبد الدولة اللبنانية من مصاريف باهظة. فضلا عن عدم ذكر العقد للمصدر الذي ستؤمن سونطراك الفيول من خلاله ومدى امكانية استعانتها بتجار آخرين.

وفي ظل سياسة عدم النشر التي تمارسها الادارة العامة المعنية المتمثلة بوزارة الطاقة وبمديرية المنشآت النفطية بالرغم من وجود قانون الوصول للمعلومات النافذ منذ ٢٠١٧ والذي يشير الى ضرورة النشر الحكمي، لاسيما ان قضية الفيول المغشوش وسونطراك اصبحت قضية رأي عام توجب اقصى درجات الشفافية بالتعاطي مع هذا الموضوع. ويبقى تفعيل قانون الوصول الى المعلومات المدخل الاساسي للاصلاح الذي تروج له الدولة اليوم.

ويكون بذلك تصريح وزيرة الاعلام ان العقد يجب ان يستمر لغاية انتهاء مدته غير صحيح، وذلك استنادا الى المبادئ العامة التي ترعى العقود.