Loading...
false

غير صحيح

مجلس الوزراء (4)
هل يحق لمجلس الوزراء تعليق عمل "الجمعية اللبنانية للفنون - رسالات"؟
13/10/2025

علّق مجلس الوزراء في جلسته التي انعقدت بتاريخ 6 تشرين الأول 2025 العمل بالعلم والخبر المعطى لـ"الجمعية اللبنانية للفنون - رسالات" وذلك إلى حين صدور نتائج التحقيقات الادارية والجزائية التي باشرت بها وزارة الداخلية والنيابية على خلفية ملابسات ما حصل في منطقة الرّوشة بإضاءة الصخرة بصورة أمين عام حزب الله حسن نصرالله وبعض من الشخصيات. 

 

وقد أدّى هذا القرار من مجلس الوزراء الى الكثير من ردود الفعل على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الأوساط السياسية حول قانونية تعليق عمل الجمعية.

 

فهل يحق لمجلس الوزراء تعليق عمل "الجمعية اللبنانية للفنون - رسالات"؟

 

تأسست جمعية رسالات في العام 2006، وهي جمعية تعنى بنشر ثقافة الفن الملتزم وتقديمه بقوالب فنيّة إبداعيّة متعدّدة؛ كالأفلام السينمائية، المسرح، الحفلات الموسيقية والإنشادية، الكليبات، المعارض الفنيّة، الأدب، وغيرها، وقد أخذت وزارة الداخلية علما بتأسيس الجمعية  بموجب العلم والخبر رقم 295 تاريخ 27/12/2007.

 

يقول النائب السابق والمحامي غسان مخيبر في حديث لـ"مهارات نيوز" إنّ  تعليق عمل الجمعيات غير موجود قانونا ويتناقض مع المبدأ الذي أرساه مجلس شورى الدولة بأن العلم والخبر ليس قرارا اداريا ينشئ الجمعية لكي تعود عنه الادارة أو تجمده، انما هو مجرد ايصال تأخذ بموجبه الادارة علما بتأسيس الجمعية، وبالتالي قيمته اعلانية وليس انشائية بحيث يستحيل على الإدارة تجميد شيء غير موجود".

 

وقد أكّدت المفكرة القانونية على هذه النقطة مستندة على  مبدأ أقرّه اجتهاد مجلس شورى الدولة في العشرات من قراراته (منها القرار 231 تاريخ 15/12/2016)، بأنّ  العلم والخبر ليس بمثابة ترخيص تمنحه الإدارة لا بل هو إيصال يُفيد بأن الدولة أخذت العلم بإنشاء الجمعية. 

 

وياتي ذلك منسجما مع الدستور اللبناني الذي يكفل في المادة 13 منه "حرية إبداء الرأي قولا وكتابة وحرية الإجتماع وحرية تأليف جمعيات ضمن دائرة القانون". وهو أيضا ما أكّدته المواثيق الدولية التي التزم بها لبنان منها المادة 20 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان والتي تنص على حق الانتساب الى جمعيات سلمية، والمادة 22 من من العهد الدوليّ الخاصّ بالحقوق المدنية والسياسية التي تنص على حقّ كل فرد في حرية تكوين الجمعيات مع الآخرين، وتمنع وضع قيود على ممارسة هذا الحقّ إلا تلك التي ينص عليها القانون.

 

إذا، لا يمكن للحكومة تعليق عمل الجمعية، طالما لم يتم النصّ على هذا الأمر في القوانين، بالإضافة إلى أنّ العلم والخبر هو ليس مستندا اداريا بل هو مجرد ايصال تأخذ بموجبه الدولة علما بتأسيس الجمعية.

 

حلّ الجمعيات: مسؤولية القضاء

نشرت المفكّرة القانونية في 6 تشرين الأول 2025 تقريرا حول محاولة حلّ جمعية "رسالات" أفضى إلى سلسلة من المخالفات التي قام بها مجلس الوزراء.

 

فبالعودة إلى ما نصّت عليه المادة 3 من قانون الجمعيات الصادر في العام 1909، "لا يجوز تأليف جمعيات مستندة على اساس غير مشروع مخالف لاحكام القوانين والاداب العمومية او على قصد الاخلال براحة الملكية وبكمال ملكية الدولة او تغيير شكل الحكومة الحاضرة او التفريق سياسة بين العناصر العثمانية المختلفة ويرفض اعطاء العلم وخبر لها وتحل بمرسوم يصدر في مجلس الوزراء".

 

أي أنّ حلّ الجمعية من قبل مجلس الوزراء يكون عند التأسيس في حال كانت أهدافها مستندة على أساس غير مشروع، وهو ما لا ينطبق على جمعية رسالات التي استحصلت على العلم والخبر في العام 2007، والتي لا تتنافى أهدافها مع أمن الدولة بحسب ما ذكرت المفكّرة القانونية.

 

من ناحية أخرى، وعملا بمبدأ فصل السلطات، تشير المفكرة القانونية إلى أنّ "يعود للقضاء التثبت من تجاوز الأفراد والجمعيات حدود الحرّيات العامة المكفولة دستوريّا وتحديد عواقب ذلك، ضمن مبدأي التناسب والضرورة".

 

في هذا السياق، يشير قانون العقوبات اللبناني في المادة 108 إلى أنه "يمكن وقف كل نقابة وكل شركة أو جمعية وكل هيئة معنوية ما خلا الإدارات العامة إذا اقترف مديروها أو أعضاء إدارتها أو ممثلوها أو عمالها باسمها أو بإحدى وسائلها جناية أو جنحة مقصودة ويعاقب عليها بسنتي حبس على الأقل". 

 

وتحدد المادة 109 الحالات التي يمكن من خلالها حلّ عمل هيئة معنوية وهي: 

- إذا لم تتقيد بموجبات التأسيس القانونية

- كانت الغاية من تأسيسها مخالفة للشرائع أو كانت تستهدف في الواقع مثل هذه الغاية

- إذا خالفت الأحكام القانونية المنصوص عليها تحت طائل الحل

- إذا كانت قد أوقفت بموجب قرار مبرم لم تمر عليه خمس سنوات

 

وتخلص المفكرة القانونية إلى أنه وبناء على النصوص القانونية، تعود صلاحية حل الجمعية إلى القضاء في حال ارتكابها أي جرم، ممّا يعني أنه لوقف الجمعية عن العمل، يجب الادّعاء على الجمعية أو أحد أعضائها، والتحقيق معه ومحاكمته، بعد توفير كافة الضمانات اللازمة للمحاكمة العادلة وحق الدفاع، ومن ثم الإدانة بجرم معاقب عليه بسنتي حبس أو أكثر، ومن ثم انقضاء طرق الطعن بالحكم وانبرامه.  أما حلها فيتطلب بالإضافة إلى الشروط السابقة، توافر الشروط المنصوص عليها في المادة 109 من قانون العقوبات، على أن يتم ذلك بقرار قضائيٍٍّ مبرمٍ أيضا.

 

إذا ما قامت به الحكومة غير صحيح من الناحية القانونية، اذ لم ينصّ أي قانون على تعليق عمل جمعيّة معيّنة، إذ إن العلم والخبر هو ايصال تأخذ بموجبه الدولة علما بتأسيس الجمعية وليس مستند اداري انشائي، أما حلّ الجمعية فهو يعود حصرا للقضاء بعد التأكّد من وجود مخالفة للقوانين المرعية الإجراء.