Loading...

أصحاب المولدات في الشمال: أنظمة طاقة شمسية تزيد الأرباح على حساب المواطنين

 

مع اقتراب دخول لبنان في السنة السادسة للأزمة المالية، يستمر انعكاس هذه الأزمة على كافة القطاعات الحيوية منها قطاع الطاقة مع كل ما يشكّله من أولوية للمواطنين وللمرافق العامة للدولة، ومع تفاقم أزمة الطاقة، ينشط قطاع المولدات غير الشرعي بشكل كبير، مع حلول مبتكرة بدأت تنتشر مؤخرًا لزيادة نسبة الأرباح على حساب المواطنين.

 

ففي منطقة زغرتا مثلا كما في العديد من المناطق اللبنانية،  بات بعض أصحاب المولدات الخاصة يعتمدون على الألواح الشمسية لزيادة نسبة انتاجهم من الطاقة وبالتالي تقليل الكلفة التشغيلية وزيادة الأرباح، لكن الفاتورة على المشترك لم تنخفض، وسعر التعرفة لا يزال مرتفعًا. 

 

فما هي الآليات التنظيمية التي يجب فرضها اليوم على قطاع المولدات؟ وكيف تتم آليات المراقبة والمحاسبة لحماية حقوق المواطنين؟ 

 

​​يقول أحد المواطنين إنّ "أصحاب المولدات الخاصة الذين استثمروا في تركيب أنظمة الطاقة الشمسية فعلوا ذلك بالدرجة الأولى لتقليل كلفة تشغيلهم وزيادة أرباحهم، وليس لتخفيف العبء عن المشتركين، كما أن تركيب الألواح لم ينعكس على الفواتير، فلا نزال ندفع فواتير باهظة وفق أسعار أعلى من التسعيرة الرسمية الصادرة عن وزارة الطاقة". ويضيف أنّ " بلدية زغرتا – إهدن بالتعاون مع القائمقام  تدخّلت وفرضت قرار الالتزام بالتسعيرة".

 

إذًا، يستمر أصحاب المولدات بمخالفة التسعيرة الرسمية الصادرة عن الدولة، ليضاف إليها تركيب ألواح طاقة شمسية، في هذا السياق تشير الخبير القانونية في مجال الطاقة كريستينا أبي حيدر إلى أنّ "واقع المولدات الخاصة في لبنان يشكل حالة "أمر واقع" أي حالة غير قانونية، نشأت نتيجة استمرار انقطاع الكهرباء بعد الحرب، حيث لم تعد مؤسسة كهرباء لبنان قادرة على تأمين التغذية الكهربائية على مدار الساعة".

 

وتضيف أبي حيدر أنهم بدل من تشغيلهم لأربعة مولدات بالمازوت، باتوا يستخدمون اثنين فقط مدعومون بالطاقة الشمسية، فيما يظل المواطنون يدفعون الفاتورة نفسها.

 

لإقفال هذا القطاع وتأمين الكهرباء 

يطرح ملف الرقابة على هذا القطاع والممارسات التي تنعكس سلبيا من سوء خدمة إلى غلاء في التسعيرة تساؤلات عدة، إذ توضح أبي حيدر، أن وزارة الطاقة تحدد التسعيرة الشهرية، أما وزارة الاقتصاد فتراقب مدى الالتزام بها، ووزارة البيئة تصدر المعايير البيئية الواجب تطبيقها. ومع ذلك، يبقى الوضع القانوني للمولدات والطاقة الشمسية خارج القانون، مما يتيح لأصحاب المولدات التحكم بالسوق واستغلال المواطنين اقتصاديًا".

 

وانطلاقا من هنا، يقول رئيس جمعية حماية المستهلك زهير برو في حديث لـ"مهارات نيوز" إنّ " الحل اليوم هو إقفال هذه "الدكانة"، فتنظيم هذا القطاع ليس منطقيا ومراقبته يحتاج إلى جيش من الموظفين، لذا برأيي أن محاولة التنظيم والمراقبة هو هدر لطاقات الموظفين".

 

ويضيف برّو أنّ " من واجب الدولة تأمين الكهرباء 24 ساعة، بالنظر الى التكلفة العالية التي صرفت والتي تصرف في ملف الكهرباء، واليوم أصبح تأمين الكهرباء أسهل، إذ إن انتشار أنظمة الطاقة الشمسية في البيوت يخفف من نسبة استهلاك الكهرباء المتأتية من الدولة".

 

أما لناحية دور المركز اللبناني لحفظ الطاقة (LCEC) في إطار مراقبة عمل قطاع المولدات، يقول رئيس المركز جوزيف الأسعد في مقابلة لـ"مهارات نيوز" إنّ " المركز لا يملك صلاحية بمحاسبة أصحاب المولدات ، فكل عملية تركيب لأنظمة طاقة شمسية تحت ال1.5 ميغاوات لا تخضع للمراقبة وهو قرار اتخذه وزير الطاقة بناء على القانون 462".

 

وبالعودة إلى القانون 462، تنص المادة 26 حرفيا على أن "لا يخضع إنشاء تجهيزات إنتاج للاستعمال الخاص بقوة تقل عن 1.5 ميغاوات لشرط الإذن، على أن تراعى مقتضيات البيئة والصحة العامة والسلامة العامة، وذلك بناء لمعايير محددة تصدر بقرارات عن الهيئة بعد استطلاع رأي وزارة البيئة والإدارات والمؤسسات المعنية".

 

إذًا، لا قدرة اليوم على محاسبة أصحاب المولدات نظرا للتكلفة العالية وللمحسوبيات السياسية التي كرّستها السلطة الحاكمة في لبنان عبر خلق قطاعات بديلة غير شرعية، هنا تشدد أبي حيدر على أن "استمرار هذا الواقع يمثل خطرًا على المواطن من نواح عديدة: المالية والصحية والأمنية، كما يعطل تطبيق القانون الأساسي الذي ينظم قطاع الكهرباء منذ العام 2002. وترى أن الحل لا يكون عبر تشريع جديد للمولدات، بل عبر تطبيق القانون القائم بشكل كامل، وتحويل مؤسسة كهرباء لبنان إلى شركة عامة قادرة على إشراك القطاع الخاص بطريقة منظمة لزيادة ساعات التغذية الكهربائية".

 

أما عن ضبط الأسعار، تشير الخبيرة إلى أن "الآلية الحالية لا تزال غير عملية، فهناك مناطق يرفض فيها أصحاب المولدات تركيب العدادات، بينما يفرضون أسعارًا مقطوعة ويحتكرون السوق". وتختم أنّ "الخطوة القانونية الأولى التي يجب اتخاذها اليوم هي تفعيل قانون تنظيم الكهرباء، مع وضع آلية فعالة لمراقبة التسعيرة وضمان شفافية القطاع، لضمان عدم استغلال الطاقة الشمسية كوسيلة للربح على حساب المواطن".

 

ختامًا، سيبقى قطاع المولدات مع كل خطوة يتخذها "والتي قد لا تكون آخرها توجهه نحو الطاقة البديلة" مثيرًا للجدل، ما لم يتم اتخاذ إجراءات صارمة لتنظيم وضبط هذا القطاع وصولا الى حلول جذرية تُفضي لتأمين الدولة الكهرباء للبنانيين من المصادر التقليدية والنظيفة مع تسعيرة عادلة تدفعهم للاستغناء عن المولدات الخاصة.