لم يكن وقع النتائج الاولية للحفر في البلوك رقم ٤ على قدر التوقعات. وزير الطاقة ريمون غجر لخص نتائج التنقيب الاولية بالاعلان عن عدم وجود مكمن غاز في الرقعة التي تم الحفر فيها ولكن اشار الى وجود اثار للغاز . اما التفسير العلمي والعملاني لعبارة ”وجود اثار للغاز“  فربما نقع عليه في تقرير شركة توتال عن نتائج التنقيب الذي يفترض ان يصدر بعد شهرين من انتهاء اعمال التنقيب.

سفينة Tungsten Explorer التي افتتحت اعمال التنقيب في لبنان، لا تزال متواجدة في المياة اللبنانية رغم انتهاء مهامها في البلوك رقم ٤. السبب، تأجيل عملها على الحفر في قبرص لمدة عام. ستقرر الظروف وتوقيت العمل والتعاقد ما اذا كانت هذه السفينة هي من سيقوم باعمال الحفر المقبلة او غيرها.

اما حاليا فتتجه الانظار الى البلوك رقم 9. التحضيرات لا تزال تجري لتأمين مستلزمات استمرار مسار عملية التنقيب وفق الجدول الزمني المقرر. رغم ان جائحة كورونا المستجدة ارخت بظلالها على قطاع النفط عالميا، مما سيكون له انعكاس محلي ايضا. فما هي مراحل التحضيرات؟ وهل من تغيير في الخطط الزمنية؟

دراسة الاثر البيئي

من جهتها، تقوم شركة توتال بإجراء دراسة تقييم الاثر البيئي(EIA)  للبلوك رقم 9، على غرار الدراسة التي قامت بها لتقييم الاثر البيئي للبلوك رقم 4. مصادر مطلعة على مسار التنقيب أكدت لـ "مهارات نيوز" ان شركة توتال قامت في عام 2019 بالمسح البيئي للبلوكين 4 و 9 معا، والان تقوم بتحضير دراسة تقييم الاثر البيئي للبلوك رقم 9 كما تم في البلوك رقم 4.

الجدير ذكره ان دراسة الاثر البيئي تعني دراسة آثار الانشطة البترولية على البيئة وحجمها والطرق المعتمدة لتفاديها او تقليل الضرر. اضافة الى تحديد المناطق الحساسة التي تُمنع فيها الانشطة البترولية. كما ترمي الى تحديد الوضع البيئي في المياه اللبنانية، والاهداف البيئية التي يجب حمايتها.

هناك نوعان من دراسات الاثر البيئي، الاول دراسة الاثر البيئي الاستراتيجي  (SEA)، والثاني دراسة الاثر البيئي لكل بلوك نفطي(EIA) .الفرق بينهما، ان دراسة الاثر البيئي الاستراتيجي(SEA)  تقوم بها الدولة اللبنانية كل 5 سنوات. وقد صدرت هذه الدراسة مرتين، عام 2012 وعام 2019. في حين، ان دراسة الاثر البيئي لكل بلوك نفطي(EIA)  تقوم بها الشركات المنفذة لدى القيام بعملية حفر البلوك النفطي. 

كما تركز دراسة الاثر البيئي الاستراتيجي(SEA)  على التقييم الاستراتيجي للبيئة، لمعرفة التأثيرات البيئية والاجتماعية للسياسات والخطط والبرامج. لذلك يتم عمل التقييم البيئي الإستراتيجي لتقييم التأثيرات الإجمالية لأنشطة النفط والغاز في لبنان بناءً على سيناريوهات مختلفة.

في حين، تركز دراسة الاثر البيئي للبلوكات النفطية (EIA)  على تقييم التأثيرات البيئية لمشاريع محددة مثل الحفر والاستكشاف في البلوك 4 و9. ويجب أن يكون تقييم الاثر البيئي(EIA)  متوافقاً مع تقييم الاثر البيئي الاستراتيجي (SEA).

الاجتماعات التشاورية

تعتبر الاجتماعات التشاورية منصة لضمان شفافية التواصل بين القائمين على قطاع النفط والغاز مع الرأي العام. وتتم هذه الاجتماعات لمناقشة الاثر البيئي الاجتماعي للتنقيب عن النفط والغاز.  وتهدف هذه الاجتماعات التي اعلام المتأثرين من التنقيب، اضافة الى اتخاذ القرارات مع المجتمع بشكل تشاركي.

ويزداد تأثير التنقيب على المواطنين عندما يكون التنقيب في البر مقارنة مع التنقيب في البحر، لان عملية التنقيب في البر ستشمل استملاك لمجموعة من الاراضي وتحديد طرق مد انابيب النفط او الغاز.

قبل البدء بحفر البلوك 4، قامت هيئة البترول بسلسلة من الاجتماعات التشاورية مع اصحاب المصلحة المتعددين من مجتمع مدني ومؤسسات عامة وخاصة، بلديات، وزارات، اضافة الى الجمهور، لمناقشة دراسة الاثر البيئي للبلوك رقم 4 ودراسة الاثر البيئي الاستراتيجي.

لكن اليوم بسبب ازمة الكورونا ستتغير آلية الاجتماعات على ما اطلعنا عليه، اذ يمكن اقامة بعض الاجتماعات  مع البلديات والوزارات والمجتمع المدني عبر الانترنت، وسيتم فتح المجال للتعليقات والملاحظات للجميع كذلك عبر التعليقات المكتوبة على موقع هيئة ادارة قطاع البترول الإلكتروني او عبر البريد الالكتروني للهيئة.

كورونا والظروف القاهرة

أوضحت مصادر مطلعة على التحضيرات اللوجستية،  ان تأثير فيروس كورونا سيطال مباشرة الاجراءات المرتبطة بالاجتماعات التشاورية فقط حتى الان. تجدر الاشارة الى انه لم يتوقف التنقيب في البلوك رقم 4 من قبل الشركات، خلال انتشار فيروس كورونا في اذار ونيسان الماضيين. لكن يمكن للشركات استخدام بند الظروف القاهرة في حال الحاجة الى تمديد مرحلة الاستكشاف الاولى الى ما بعد ايار 2021، او تمديد فترة الاستعدادات اللوجستية لحفر البلوك رقم 9.

يتضمن عقد شركة توتال مع الدولة اللبنانية للاستكشاف في البلوك 9، البند رقم 29 حول الظروف القاهرة التي تعفي اي من طرفي العقد من تنفيذ اي موجب بشكل جزئي او كلي. وتشمل هذه الظروف الكوارث الطبيعية والاوبئة والزلازل.

الاستعدادات اللوجستية والاجراءات الادارية

انطلقت عملية تحضير الدراسات لموقع الحفر في البلوك رقم 9 ، والتي تتضمن تحديد مكان الحفر في البلوك واستيراد التجهيزات اللازمة لعملية الحفر، بشكل مشابه لما حدث في البلوك رقم 4.

اما عن الاجراءات الادارية المرتبطة بالدولة اللبنانية، فعلمت مهارات نيوز ان الاجراءات الادارية من تحصيل الاذونات والتراخيص المطلوبة والتنسيق مع الوزارات المعنية ستتم قبل نهاية العام الحالي من الجانب اللبناني. وفي المعلومات عن مسار التنقيب ان: "فريق العمل الحكومي استطاع في المرة الاولى (البلوك رقم 4) استكمال التراخيص والاذونات الادارية بشكل كامل، حيث ان مدة الحفر استغرقت 60 يوما كما تم الاعلان عنها سابقا من دون تأخير، واليوم فريق العمل والوزارات المعنية لديهم خبرة اكبر في التعامل مع الاجراءات مثل الاذونات لكافة الامور اللوجستية ومنها استخدام الطائرات والسفن والمعدات".

متى سيبدأ الحفر في البلوك 9؟

وفق العقود، حُددت المدة الزمنية لمرحلة الاستكشاف الاولى بثلاث سنوات، بدأت مع الموافقة على خطة الاستكشاف في شهر أيار 2018 وتمتد حتى أيار 2021. 

كما يمكن للشركات الثلاث المعنية (توتال- إيني- نوفاتيك) المطالبة بالتمديد لسنتين، أي حتى أيار 2023، بشرط ان تكون قد انجزت اعمالها في مدة الاستكشاف الاولى وعلى شرط ان تسلم الدولة 25% من مساحة البلوك رقم 9، مع امكانية التنقيب عن بئر واحد بعدها. 

في السياق وفق معلومات “مهارات نيوز” فان لا توقيت محددا حاليا للحفر في البلوك 9، بسبب أزمة كورونا التي كان لها وقعها على جدول عمل الشركات، لكن من المتوقع ان يتم الحفر قبل أيار عام 2021.

هل من ضمانات للحفر في البلوك 9؟

لدى التوقيع على العقود بين الدولة اللبنانية، أكدت شركة توتال ان الحفر في البلوك رقم 9 سيبعد بحوالي 25 كيلومتر عن الحدود اللبنانية مع اسرائيل. وبالتالي رقعة الحفر لن تكون ضمن الحدود البحرية المتنازع عليها مع اسرائيل.

"لا يتضمن العقد الموقع مع توتال اي ضمانات مرتبطة بالحدود البحرية او أمن الشركات تقدمها الدولة اللبنانية لشركة توتال"، هذا ما اشارت اليه المصادر المطلعة على مسار التنقيب.  واضافت: "العقد الموقع منشور على موقع الهيئة على الانترنت وحرصنا ان يكون هذا الموضوع شفاف وبمتناول الجمهور اللبناني".