Loading...
false

غير صحيح

Amen Al 3Am
هل الأمن العام هو صاحب الصلاحية الأوحد في ملف النازحين السوريين؟
17/05/2024

تمحور النقاش العام في الأسابيع الماضية حول مطالبة الأمن العام بالقيام بدوره بترحيل النازحين السوريين. وعلّق النائب جميل السيّد عبر حسابه على "أكس" واصفًا ما يحصل حول ملف النازحين "بالدجل السياسي"، مضيفًا أن "من آخر المسرحيات التي شهدناها منذ يومين هي الإيحاء بأن الأمن العام اللبناني هو صاحب الصلاحية في كل قضية النازحين من خلال ترحيل 300 نازح يرغبون العودة لسوريا…".

 

فهل الأمن العام هو صاحب الصلاحية الأوحد في ملف النازحين السوريين؟

 

شهد لبنان منذ عام 2011، انقسامات حادة حول كيفية التعاطي مع أزمة النزوح السوري، على الرغم من المحاولات المستمرة على مرّ السنوات لإيجاد قواسم مشتركة، تتناول آلية تعاطي مؤسسات الدولة الرسمية مع موجات النزوح التي تخطّى عددها المليون ونصف المليون.

 

ورفضت الحكومة اللبنانية تسمية النازحين السوريين بلاجيئن، إذ يترتب على هذا المصطلح تداعيات حقوقية تتعلّق بالحماية والتوطين. في وقت عرّفت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR في مقابلة لـ"مهارات نيوز" اللاجئين إنهم الأشخاص الذين فروا من بلدانهم هرباً من الصراعات أو العنف أو الاضطهاد والذين يلتمسون الأمان في بلد آخر. يتم تحديد اللاجئين وحمايتهم في القانون الدولي. وغالباً ما يكون وضعهم محفوفاً بالمخاطر وغير محتمل، لدرجة أنهم يعبرون الحدود الوطنية بحثاً عن الأمان في البلدان المجاورة، وبالتالي يصبحون "لاجئين" معترف بهم دولياً مع إمكانية الحصول على المساعدة من الدول والمفوضية والمنظمات ذات الصلة. ويتم تعريفهم على هذا النحو تحديداً لأنه من المحتمل أن تشكل عودتهم إلى ديارهم خطراً عليهم؛ بالتالي فهم بحاجة إلى ملاذ في مكان آخر. إنهم أشخاص قد يؤدي رفض طلب لجوئهم إلى عواقب مميتة.

 

وبالتالي تعتبر المفوضية في ردها على أسئلة مهارات نيوز أن "السوريون الذين يتواصلون معنا بشأن مخاوف تتعلق بالحماية، يعتبرون لاجئين، وذلك تماشياً مع القانون الدولي ومن وجهة نظر المجتمع الدولي. في ضوء الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني والخروقات والتجاوزات التي تطال قانون حقوق الإنسان والنزاع المسلح المستمر في سوريا، تواصل المفوضية على مستوى العالم توصيف فرار المدنيين من سوريا على أنه حركة نزوح لاجئين، إذ أن الغالبية العظمى من طالبي اللجوء السوريين لا يزالون بحاجة إلى الحماية الدولية الممنوحة للاجئين".

 

إن تعاون الدولة اللبنانية ممثلة بالأمن العام اللبناني مع المفوضية ارتكز على مذكرة التفاهم 2003 التي نصت أن لبنان غير مهيأ ليكون بلد لجوء بالنظر لاعتبارات اجتماعية واقتصادية وديموغرافية بالإضافة إلى وجود مشكلة اللاجئين الفلسطينيين على أرضه. وبما أن لبنان ليس بلد لجوء، الحل المناسب هو إعادة توطين اللاجئين المعترف بهم من قبل مكتب المفوضية في بلد آخر. لذلك إن عبارة "طالب لجوء" وحيثما وردت في المذكرة، تعني طالب لجوء إلى بلد آخر غير لبنان. 

 

وسعيًا لإيجاد حلول إنسانية مؤقتة لمشاكل الداخلين والمقيمين غير الشرعيين في لبنان، الذين يطلبون وضع اللجوء في مكتب الأمم المتحدة، بانتظار، إعادة توطينهم في بلد ثالث أو إعادتهم إلى موطنهم الأصلي، وقّع كل من الأمن العام والـ UNHCR عام 2003 على مذكرة تفاهم حول التعامل مع المتقدمين بطلبات اللجوء لدى مكتب المفوضية في لبنان.

 

ولكن أوضحت المفوضية لـ"مهارات نيوز" أنه "تم توقيع مذكرة التفاهم لعام 2003 بين المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والأمن العام اللبناني للاستجابة في ذلك الوقت للجوء المواطنين العراقيين إلى لبنان، وتتضمن مبادئ وإجراءات محددة يجب اتباعها بما في ذلك مبدأ عدم الإعادة القسرية أو الحاجة إلى تحديد وضع اللاجئ وفقًا للمعايير الإجرائية للمفوضية في تحديد وضع اللاجئ. ولم يتم استخدامها قط للرد على الأزمة السورية".

 

ولم تعد أحكام مذكرة التفاهم لعام 2003 قيد الاستخدام من قبل الحكومة اللبنانية أو المفوضية. وعلاوة على ذلك، لم يتم تنفيذ الأحكام الواردة في مذكرة التفاهم مطلقًا في سياق الاستجابة الإنسانية للأزمة السورية، تضيف المفوضية.

 

ومنذ شهر أيار من العام 2015 وبقرار من الحكومة اللبنانية، قامت المفوضية بتعليق تسجيل اللاجئين السوريين في لبنان. ومنذ ذلك الحين، تواصل تتبع أرقام اللاجئين المسجلين قبل 2015، علماً أنه في نهاية شهر آذار 2024، بلغ عدد اللاجئين السوريين المسجلين لدى المفوضية في لبنان 779,645 شخصاً، من أصل 1.5 مليون نازح سوري وفق تقديرات الحكومة اللبنانية المعترف بها من قبل المنظمات الوطنية والدولية.

 

وشددت المفوضية في هذا الإطار على أنها "إثر قرار العام 2015، وفي حين تواصل المفوضية تتبع اللاجئين المسجلين قبل العام 2015، استمرت أيضاً بتدوين تفاصيل المواطنين السوريين غير المسجلين الذين اتصلوا بمكاتبنا منذ شهر أيار 2015، ولكن من دون تسجيلهم".

 

وقامت المفوضية بخطوة نوعية، بتسليم المديرية العامة للأمن العام في شهر كانون الثاني 2024 داتا النازحين. وعلى رغم من أن هذه البيانات لا تتضمن تاريخ قدوم النازحين إلى لبنان أو أماكن قدومهم من سوريا، إلا أنها تصحح المعلومات المقدمة من‪ UNHCR ‬لاستحداث أول قاعدة بيانات رسمية يتم من خلالها توحيد أعداد السوريين في لبنان وتحديد أماكن تواجدهم، وفق تقرير نشرته شبكة المنظمات العربية غير الحكومية.

 

وأكدت المفوضية على أنها "لا تزال ملتزمة بمواصلة تعاونها الحيوي مع الحكومة اللبنانية والشركاء من أجل تلبية احتياجات الشعب اللبناني والاستجابة لشواغله. كما وتعمل بنشاط على دعم الحلول الدائمة للاجئين السوريين، بما في ذلك إعادة التوطين في بلدان ثالثة والعودة إلى سوريا". 

 

وأثنت على موقفها حيال موضوع عودة النازحين السوريين مشددةً أنها "لطالما كنا شفافين بشأن موقفنا: المفوضية لا تعرقل عودة اللاجئين إلى سوريا. فنحن نأمل أن تكون الحلول الدائمة والعودة الآمنة ممكنة لأعداد أكبر من اللاجئين".

 

 

كيف تجلى دور الدولة اللبنانية في هذا الملف؟

 

لا تزال القرارات الأخيرة بيد الحكومة اللبنانية التي وضعت سلسلة مبادئ لإدارة هذا الملف عبر السنوات، لازالت تطبق حتى يومنا هذا ومنها:

  • تقليص عدد النازحين السوريين من خلال حظر دخولهم إلى لبنان وتشجيع السوريين على العودة إلى سوريا أو إلى دول أخرى.

  • وضع معايير تنظم عملية دخول المواطنين السوريين إلى لبنان.

  • تعزيز الشرطة البلدية وتوجيه البلديات لإحصاء النازحين السوريين‪ ‬والطلب من المجتمع الدولي.

  • توقف تسجيل اللاجئين وفق إعلام الحكومة للـ UNHCR، بعد أن تجاوز عدد اللاجئين المليون، واقتصرت تصاريح الإقامة على أولئك الذين يمكنهم تقديم دليل على أنهم دخلوا لبنان قبل 1 كانون الثاني 2015. وتوسّع هذا القرار لاحقًا ليشمل أولئك الذين دخلوا قبل 24 نيسان 2019 .

  • وأخيرًا أعلن مجلس النواب في جلسة التشاور التي عُقدت في 15 أيار الفائت عن سلسلة توصيات للحكومة لحثها على تطبيق مذكرة 2003 والعودة إلى القوانين النافذة التي تنظم عملية الدخول إلى لبنان والإقامة فيه والخروج منه لاسيما القانون الصادر بتاريخ 10/7/1962.

 

إذًا، ما تم تداوله حول انفراد مديرية الأمن العام بقرارات ملف النازحين السوريين غير صحيح، إذ إنها مسؤولة عن تسوية شؤونهم القانونية وتطبيق قرارات الحكومة اللبنانية دون سواها، إذ إن القرار الأخير في هذا الملف يعود لها.