Loading...
false

غير صحيح

مجلس النواب (1)
هل توصية مجلس النواب ملزمة لحكومة تصريف أعمال؟
17/05/2024

في ختام الجلسة النيابية المخصّصة للتشاور في ملف النزوح السوري التي جرت في 15 أيار 2024، رفع مجلس النواب توصية للحكومة لمعالجة الملف، وقال رئيس مجلس النواب نبيه بري قبل تلاوة التوصية: "التوصية ملزمة في حضور الحكومة، وتم التوافق عليها بالأمس".

 

فهل توصية مجلس النواب ملزمة لحكومة تصريف أعمال؟

في ختام الجلسة النيابية، أصدر المجلس النيابي توصية لحكومة تصريف الأعمال تضمنّت 9 نقاط في ما يخص ملف النزوح السوري في لبنان منها التزام لبنان بالقوانين النافذة، والتزامه  الاتفاقية الموقعة عام 2003 بين المديرية العامة للأمن العام والمكتب الإقليمي لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في بيروت، بالإضافة إلى العديد من النقاط التي تهدف لحل أزمة النزوح السوري. 

وقد ختمت التوصية بنقطة تشير إلى "التزام الحكومة بهذه التوصية وتقديم تقرير كل ثلاثة أشهر للمجلس النيابي حول مراحل تنفيذ ما تضمنته". أي أن المجلس النيابي اعتبر أن توصيته للحكومة ملزمة ويجب تقديم تقرير للمجلس النيابي.

بالعودة إلى الدستور اللبناني، تنصّ المادة 69 أنّه وعند استقالة الحكومة أو اعتبارها مستقيلة یصبح مجلس النواب حكماً في دورة انعقاد استثنائية حتى تأليف حكومة جديدة ونيلها الثقة. 

أما عن الصلاحيات للحكومة، لا تمارس الحكومة صلاحیاتها قبل نیلها الثقة ولا بعد استقالتها أو اعتبارها مستقیلة إلا بالمعنى الضیق لتصریف الأعمال بحسب المادة 55. 

أي أنّ الحكومة الحالية هي حكومة لا تملك الثقة كونها حكومة تصريف أعمال، وقد نصّ الباب الثالث من النظام الداخلي عن الرقابة البرلمانية، التي تتجسّد عبر وسيلتين، إمّا سؤال يتوجّه به نائب أو أكثر للحكومة أو بطلب نائب أو أكثر(المادة 124)، أو استجواب الحكومة في موضوع معيّن(131).

 أي أنّ ممارسة الرقابة البرلمانية يترتّب عليه وجود حكومة فعليّة خارج تصريف الأعمال بمعناه الضيّق اذ يمكن ان تبعات الرقابة البرلمانية يمكن ان تؤدي الى سحب الثقة الامر الذي لا ينطبق على حكومة تصريف اعمال.

وفي سياق رقابة المجلس النيابي، ينقل المرصد البرلماني التابع للمفكرة القانونية عن "أوجين بيار" أنّ "القرار الذي يتخذه مجلس النواب والذي يتضمن دعوة الحكومة إلى ممارسة صلاحياتها لا يمكن أن يتم إلا خلال جلسة مخصصة لاستجوابها، ما يعني ضرورة وجود حكومة غير مستقيلة يمكن لها ممارسة صلاحياتها".

كخلاصة، لا يمكن لمجلس النواب استجواب أو مراقبة حكومة في حال كانت مستقيلة، في هذا الإطار يقول النائب فراس حمدان أنّ "التوصية التي صدّقها مجلس النواب غير ملزمة للحكومة ولا يمكن محاسبة الحكومة لأنها غير مسؤولة سياسيا أمام مجلس النواب كونها حكومة تصريف أعمال".

 

توصية المجلس: غير ملزمة

من المهم الإشارة إلى الفرق بين إقرار مجلس النواب للقوانين وبين توصيات المجلس، إذ يشير المرصد أنّ "القرارات كي تكون ملزمة لجهة غير البرلمان لا بد أن تكون متخذة عملا بنص دستوري صريح يسمح بذلك. فالقوانين التي يقرها مجلس النواب هي ملزمة للجميع كون الدستور أناط السلطة التشريعية بالبرلمان، بينما التوصيات والقرارات لا يوافق عليها مجلس النواب بوصفه سلطة تشريعية بل هيئة جماعية عبرت عن إرادتها الخاصة".

ويشرح الخبير القانوني طوني مخايل لـ"مهارات نيوز" هذه النقطة بالقول إنّ "التوصية التي قام بها المجلس النيابي غير ملزمة، لعدم وجود سند دستوري متعلّق بصلاحيات مجلس النواب بإصدار توصيات ملزمة للحكومة".

ويضيف مخايل "بما ان التوصية التي صدرت عن مجلس النواب ليست عملا تشريعيا، وبالتالي ليس لها مفاعيل قانونية ملزمة لأي طرف. ويمكن وضع ما قام به المجلس النيابي في خانة العمل السياسي ومن منطلق دوره كمؤسسة رئيسية تضم ممثلين عن الامة ويمكنهم في اي وقت مناقشة اي موضوع ذات اهمية عامة واصدار رايهم في الموضوع عبر توصيات يتم التصويت عليها لإقراها والاعلان عنها انها تمثل ارادة الاغلبية في المجلس وتتمتع بشيء من الاجماع والقوة المعنوية. كما يمكن ان تندرج هذه التوصية في سياق الالية التي تخول المجلس النيابي اتهام رئيس الحكومة والوزراء لإخلالهم بالموجبات المترتبة عليهم وفق احكام المادة 70 من الدستور. وتعتبر التوصية في هذا السياق تذكيرا للحكومة بالموجبات المفروضة عليها دون ان ننسى انها حكومة تصريف اعمال وتمارس صلاحياتها بالمعنى الضيق. ما لم تعتبر الحكومة ان هذه التوصية هي غطاء قانوني وتصرفت على هذا الاساس."

ويكمل مخايل أنّ "ما حصل هو عمل سياسي بظل الشغور الرئاسي وعدم وجود حكومة فعلية، فالتوصية التي خرجت عن المجلس من الممكن أن تعطي غطاء قانوني للحكومة في حال قامت بأي تصرّف خارج حدود تصريف الأعمال بالمعنى الضيّق، أي أن الحكومة من الممكن أن تستغل هذه التوصية كسند قانوني من المجلس لحماية نفسها أمام المجلس من مساءلة مستقبلية لعملها في الملف".

وقد ذكر الباحث الدستوري جهاد اسماعيل في مقال نشر في جريدة الأخبار أنّ " إلتزام الحكومة لا يتحقّق إلاّ  في إقرار مجلس النواب لقانون يمنع مجلس الوزراء من قبول هبة نقدية أو عينية مرتبطة بأعباء أو شروط، وهو حلٌ ينسجم، أساساً، مع المادة 69 من الدستور على اعتبار أنّ المادة تفسح المجال لتقييد صلاحيات حكومة تصريف الأعمال بقوانين كي تبقى ضمن النطاق الضيّق الذي قالت به الفقرة الثانية من المادة 64.

أي أنّ القرارات والتوصيات التي تخرج عن التدابير الداخلية للمجلس النيابي كرد اقتراح قانون للجان النيابية أو تعديل نظامه الداخلي بالإضافة إلى القرارات المنصوص عليها في النظام الداخلي لمجلس النواب كالمادة 94 والمادة 143 مثلا، تعتبر غير ملزم للحكومة، إلا إذا وافقت الحكومة صراحة على تطبيقها وإلا لا يمكن بأي حال من الأحوال محاسبتها على عدم الالتزام بها.

 

إذًا ما قاله رئيس مجلس النواب نبيه بري غير صحيح، إذ وبالعودة إلى الدور الرقابي لمجلس النواب ولكون حكومة تصريف أعمال لا تخضع لمساءلة ومراقبة مجلس النواب، إضافة إلى عدم وجود أي سند دستوري يتعلّق بصلاحية إصدار التوصيات من مجلس النواب.