Loading...

"تبليط الليطاني" أقل كلفة من الأموال المهدورة لرفع التلوث منه

 

أعاد نفوق قرابة 100 طنّ من الأسماك في بحيرة القرعون ملف تلوّث نهر الليطاني إلى الواجهة مع كل ما يثيره ذلك من تساؤلات حول هدر المال  العام.

في شهر نيسان الفائت، نفقت كميّات كبيرة من الأسماك دون معرفة السبب بشكل واضح. وأفاد تقرير أوليّ صادر عن المصلحة الوطنية لنهر الليطاني وجمعية حماية الطبيعة في لبنان أنّ وباء فيروسي أصاب نوعاً محدداً أو فصيلة معينة من الأسماك في بحيرة القرعون شرق لبنان. 

ولفت بيان مشترك صادر عن المصلحة والجمعية إلى ان هذا الوباء يفاقم أزمة الأسماك في الليطاني التي تعاني من جراء التلوث الكيميائي والبيولوجي الناتج عن الأنشطة البشرية الصناعية والزراعية والسكنية وغير الصالحة للأكل. وطالب الأجهزة الأمنية والسلطات الرقابية والقضاء التشدد في قمع أي مخالفة لقرار حظر الصيد في البحيرة قطعياً.

وخلص المسح الميداني وأخذ العينات من الأسماك النافقة إلى ضرورة التشدّد في انفاذ القانون لمنع الصيد في البحيرة ومحاولة حصر الوباء ومنع انتشاره والقيام فورًا بمسح ميداني شامل واخذ عينات لفحصها مخبرياً لتحديد نوع الوباء ومدى خطورته على الأسماك والإنسان.

"ملايين الدولارات صرفت لكننا لم نرَنتيجة"، هكذا يلخّص الطالب الجامعي الملمّ بملف تلوث الليطاني وبحيرة القرعون أيمن دحروج الوضع الراهن، بعدما فجّر ملف الأسماك كارثة.  فأين أصبح ملف رفع التلوث عن الليطاني اليوم؟ ومن هو المسؤول الأول؟

أقر مجلس النواب بتاريخ 27/10/2016 القانون رقم 63 لتخصيص اعتمادات تنفيذ بعض المشاريع وأعمال الاستملاك العائدة لها في منطقة حوض نهر الليطاني.

 وتضمّن هذا القانون تخصيص 1100 مليار ليرة لبنانية للقيام بمشاريع للحد من تلوّث حوض نهر الليطاني على أن تنفّذ المشاريع خلال سبع سنوات.

لكنّ "الإعتمادات لا تمرّ عبر مصلحة الليطاني" وفق ما يقول دحروج. وقد حدّدت المادة الثانية من القانون وزارة الطاقة والمياه بوصفها الجهة المسؤولة عن تنفيذ المهام المتعلقة بالمياه المبتذلة المنزلية، بالتنسيق مع مجلس الإنماء والإعمار. وحددت المادة الخامسة الاعتمادات الإجمالية لكل جهة، من ضمنها 1086 مليار لوزارة الطاقة.

يتدفق "40 مليون متر مكعب من الصرف الصحّي سنويا في بحيرة القرعون"، وفق علويّة إضافة إلى الملوّثات الصناعية من إفرازات معامل الألبان والأجبان والمصانع الخاصة بمواد البناء والاسمنت وصناعة الألومينيوم.

ورغم جهود كبرى تبذلها مصلحة الليطاني، وعرض رئيسها سامي علويّة للإحصائيات المتعلقة بحجم تلوث نهر الليطاني في جلسة عقدتها اللجنة المكلفة بالإشراف على حسن تطبيق عملية رفع التلوث عن الليطاني، ورغم الإدعاءات الكثيرة بحق أصحاب مؤسسات ومصانع مخالفة، لا تزال النفايات الصناعية تجتاح حوض الليطاني.

 وأرسل  علويّة لـ"مهارات نيوز" تفاصيل ملف رفع التلوث عن حوض نهر الليطاني، فالمشروع المتوقّع انتهاءه في العام 2023 يكاد العمل به لا يذكر. تدلّ مؤشرات شهر آذار 2020 على  إنشاء 4% فقط من شبكات الصرف الصحّي. ولم ينفق سوى 6.3% من الميزانية المتعلّقة ببناء هذه الشبكات.

أما لجهة المنازل فلم يتمّ وصل سوى 1.8% من المنازل على شبكة الصرف الصحي أي 168 منزل من أصل 9150. 

تأخر مجلس الإنماء والإعمار في التنفيذ لم يثر اهتمام وزارة الطاقة والمياه التي انشغلت بتعيين عدد من المستشارين  كخبراء في المشروع لدى الوزارة ومؤسسة مياه البقاع يتقاضون رواتبهم بالدولار بمعدل يتراوح بين 4 و5 الاف دولار  بحسب الملف المرسل من علويّة.

تقدّم علويّة بكتاب إلى المدعي المالي العام علي ابراهيم  إثر التأخر في تنفيذ مشروع رفع التلوث عن بحيرة القرعون موضوع القانون رقم 64/2016 والمشاريع المرتبطة وفقا للقوانين  رقم 63 64 65 للعام 2016 .2 وأبرز الوقائع كافة التي تثبت الفشل في إدارة الملف وانتهاء المهل دون تنفيذ أي من هذه المشاريع، لينقلب الأمر إلى موازاة هدر المال العام بهدر صحّة الناس عبر انتشار الأوبئة في الحوض الأعلى لليطاني وازدياد حالات السرطان.

وفي هذا الإطار، قدّم النائب عاصم عراجي إخبارا الى النائب العام المالي القاضي علي ابراهيم، عن مصير مبلغ بقيمة 400 مليار ليرة تم رصده لرفع التلوث عن مجرى نهر الليطاني بموجب القانون 63 الذي وافق عليه مجلس النواب.

بات ملف الليطاني في عهدة القضاء اليوم، فالملفات المقدّمة من المصلحة الوطنية لنهر الليطاني واضحة ومزوّدة بكل الدلائل والإثباتات على الإهمال وسوء الإدارة. ويبقى المطلوب  معرفة أين ذهبت هذه الأموال، ومعرفة مصير الإتفاقيات التي تبلغ قيمتها المليارات بين لبنان والجهات المانحة لرفع التلوث عن نهر الليطاني دون إحراز أي تقدّم. 

ويقول دحروج بلهجة ساخرة: "أصاب من تهكّم وقال إن تكلفة تبليط نهر الليطاني كانت لتكون أقلّ بكثير من الملايين التي هدرت بحجّة رفع التلوث منه  ومن  بحيرة القرعون".

TAG : ,الليطاني ,تلوث ,المصلحة الوطنية لنهر الليطاني ,بحيرة القرعون ,سامي علوية ,شبكات الصرف الصحي