Loading...

النساء ذوات الإحتياجات الخاصة مغيبات عن حملات الرعاية الصحية

 

غالبًا ما تغيّب الحملات الصحية في لبنان ذوي الاحتياجات الخاصة خصوصاً النساء اللواتي يُعتبرن من الفئات الأكثر تعرضًا للتهميش، إذ لا تراعي  طريقة تلقّيهن للمعلومات أو حصولهن على الخدمات الملحة التي يحتجن إليها.

وتوضح آمال شريف، مديرة جمعية "حالتَك" التي تُعنى بالدفاع عن حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة وتحسين ظروفهم، لموقع "مهارات نيوز"، أن "الحملات الصحية التي تنظمها الدولة اللبنانية بشكل عام غير شمولية ولا تراعي مختلف فئات المجتمع".

وتضيف: "لم تشمل الحملات التي أطلقتها الدولة اللبنانية خلال فترة انتشار كوفيد-19 مثلاً، لمرة واحدة الأفراد فاقدي السمع، باستثناء بعض الحملات التابعة لجهات خاصة تمّ فيها إستخدام لغة الإشارة".

وأهملت خطة لبنان لمواجهة فيروس كورونا الأشخاص ذوي الإعاقة الذين هُمِّشوا، وفق شريف، حتى قبل وصول الفيروس بفترة طويلة، إذ "لم توضع خطة فعلية تتوجه لجميع الأفراد وتراعي حالة الطوارئ من منظار شامل".

وينطبق الأمر نفسه على حملات فحص سرطان الثدي التي "لم تكن يومًا شمولية، وتغيب عنها دائمًا لغة الإشارة"، وفق شريف التي تلاحظ أن هذه الحملات "غالبًا ما تتوجه للموجودات في المدن، ممن لديهن سهولة في الوصول إلى الخدمات والمعلومات، ولا تشمل مجموعات اللاجئات أو حتى العاملات المنزليات من الجنسيات كافة الموجودات في مناطق نائية".

 

لا تتوقف المعاناة عند هذا الحد، فمعاناة السيدات ذوات الإعاقة في ظلّ غياب الكهرباء وتردي الأوضاع الاقتصادية مزدوجة. وتشرح شريف "لا يملك معظمهن ضمانًا صحيًا أساسًا، وجاءت الأزمة لتعمق معاناتهن".

وتقترح شريف على الدولة اللبنانية "إطلاق الحملات بجزئين: حملة عمومية وحملة جزئية تتوجه تحديدًا للنساء ذوات الاحتياجات الخاصة، يتم خلالها تحديد أماكن مجهزة بالكامل لاستقبال مستخدمي الكراسي، وأن تكون الرسالة واضحة، مثلًا إذا أنت إمرأة من مستخدمي الكراسي توجهي الى المركز الفلاني، أو تودين إجراء  فحص الكشف عن الإصابة بالسرطان، توجهي الى المركز الفلاني، على أن يتم تحديد مراكز أساسية مماثلة في مختلف المناطق اللبنانية".

ومع وجود شريحة واسعة من ذوي الاحتياجات الخاصة في لبنان، تكمن العبرة في متابعة الحملات وتقييم نتائجها، وفق شريف، مع الأخذ بعين الإعتبار ضرورة التوجه لبعض المجموعات الخاصة بأسلوب أو بلغة معينة، كلغة الإشارة على سبيل المثال. 

وفي لبنان، تغيب عن الاستراتيجيات الإعلامية للحكومة مثلًا ترجمة البيانات المتلفزة إلى لغة الإشارة من قبل أشخاص مؤهلين، أو تطوير مواقع إلكترونية لتلائم الأشخاص ذوي الإعاقات المختلفة وتأمين الخدمات الهاتفية ذات الخاصية النصية للأشخاص الصم أو ذوي الصعوبة السمعية.

 

لا تهميش

في المقابل، ترفض وزارة الصحة اللبنانية المآخذ عليها بتهميش ذوي الاحتياجات الخاصة في حملاتها الإعلامية والصحية.

وتؤكد رئيسة دائرة الإرشاد والتثقيف الصحي في الوزارة زينب برّي في تصريح لموقع "مهارات نيوز"، أنه "كان لذوي الإحتياجات الخاصة حصة من الحملات التي أطلقتها الوزارة خلال فترة انتشار كوفيد-19".

وتوضح "على إعتبار أنها حملات وطنية، لا يمكن تقسيمها بين إناث وذكور، حددنا عددًا من المراكز المؤهلة لإستقبالهم، ونشرنا مجموعة من الفيديوهات التي تتضمن لغة الإشارة، كما أُعطيت لهم الأولوية للحصول على اللقاح عبر ماراثون نُظّم خصّيصًا لإستقبالهم".

وتضيف "بالتالي لا أرى أي تهميش لهم، بل على العكس كان لهم وجود في كل مرحلة من الحملات ونعمل على مساعدتهم والتخفيف من أعبائهم" مشيرة إلى "إرسال عيادات متنقلة أحيانًا لمن لديه وضع خاص لا يسمح له بالخروج من منزله للحصول على اللقاح".

 

تكفل القوانين والاتفاقيات لذوي الاحتياجات الخاصة حصولهم على الرعاية الصحية. تنص المادة 25 من اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة على الإعتراف بحقهم التمتع بأعلى مستويات الصحة من دون تمييز على أساس الإعاقة والحصول على الخدمات الصحية بما في ذلك خدمات الصحة الجنسية والإنجابية وبرامج الصحة العامة للسكان.

لكن ذلك لا يحل دون تجارب صعبة تمرّ بها النساء ذوات الإعاقة، تكشف حجم معاناتهن على المستويات كافة.

وتقول شريف في هذا السياق "عندما قررت إحدى السيدات المقعدات مثلًا الإلتزام بحمية لتخفيف وزنها، لم تجد مكانًا مجهزًا لقياس وزنها على الكرسي واضطرت أن تلجأ إلى سوق الخضار لإستعمال الميزان هناك".

وتتحدث عن سيدة أخرى حامل "اضطرت أن تقصد عيادات مرضى السرطان والسكري لقياس وزنها لأن عيادات الصحة الإنجابية أو العيادات النسائية غير مجهزة".

وتضيف "من أبسط حقوقها كامرأة حامل مقعدة أن تستطيع قياس وزنها، ولكن حتى هذه الأمور البديهية غير متوفرة، فضلًا عن أنه ليس لدى معظم الطواقم الطبية معرفة واطلاع كامل حول الموضوع".

ولن يكون ضمان أفضل مستوى ممكن من الصحة للجميع متاحًا، إلا إذا أدركت السلطات المعنية الحاجة إلى نقلة نوعية في النظام الصحي، إضافة إلى التسليم بأنه لا يمكن تحقيق الأهداف الصحية العالمية إلا عندما يصبح إدماج منظور الإعاقة جزءًا لا يتجزأ من أولويات قطاع الصحة.

 

وتحاول وزارة الصحة، على غرار مرافق عامة أخرى، وفق الإمكانيات المتاحة، أن يكون الوصول إلى خدماتها سهلًا ومتاحًا للجميع. لكن المشكلة تكمن في العجز عن إنشاء مراكز جديدة مجهزة خصوصًا على وقع الانهيار الاقتصادي الذي لم يسلم قطاع من تداعياته، خصوصًا الإدارات والمرافق العامة التي باتت بمعظمها عاجزة عن تأمين الحدّ الأدنى من الخدمات للمواطنين، حتى الاستشفاء. 

فنظام الرعاية الصحية مثلًا لا يلحظ أساسًا وجود ذوي الاحتياجات الخاصة، سواء لناحية تدريب الكوادر الطبية على التعامل معهم أو تخصيص مراكز لهم.

 

TAG : ,النساء ,ذوات الإحتياجات الخاصة ,حملات ,الرعاية الصحية