Loading...

خسارة دايفن من نوع آخر في زمن كورونا

 

عندما يطلب دايفن، ابن الخمسة أعوام، أن يرى شيئاً ما، لا يقصد أنه يريد أن يراه بعينيه، إنما بيديه، لكنّ فيروس كورونا المستجد حرمه من ثقافة اللمس التي يحتاجها كطفل ضرير لاكتشاف العالم من حوله.

ويقول دايفن لـ"مهارات نيوز": "لا نستطيع أن نلمس شيئاً. علينا أن نغسل أيدينا دائماً ولم يعد بإمكاننا الخروج والتجول. لأجل ذلك، أصلّي أن يزول فيروس كورونا".

مع حاجته إلى اللمس للتعرّف على الأشياء، غيّر فيروس كورونا من نمط يومياته ودراسته التي باتت عن بعد وكذلك العادات والهوايات التي دأب على القيام بها. وتحوّلت نشاطاته خارج المدرسة من قصد ملاعب الأطفال إلى نزهات في الطبيعة لتلمُّس الأشجار والأزهار.

تتحدّث والدته دانييل عن الصعوبات التي يواجهها منذ تفشي الوباء. وتشرح لـ"مهارات نيوز": "خسر الكثير في هذه الفترة" مضيفة "أصبحنا نعانق بعضنا البعض بعيوننا خوفاً من فيروس كورونا، لكنّ دايفن عاجز عن التمثّل بنا...حتّى العناق الجسدي مُنع عنه".

لكنّ ذلك لم يثبط من عزيمة عائلته وعزيمته. وتقول والدته "يدندن مع جدّه أغاني أم كلثوم وأغنية "مرحبتين ومرحبتين" لِصباح. كما يحرص على متابعة الغناء والعزف الموسيقي".

وتضيف مبتسمة وفخورة "استفدنا من فترة الحجر المنزلي لتعزيز قدراته في الطهو".

ويروي دايفن أنه يستمتع حالياً بسماع قصّة "دُمية دادا" عبر حاسوبه، لأن متابعة الدروس في مدرسة الضرير والأصمّ في بعبدا، انتقلت أيضاً إلى العالم الافتراضي، في ظلّ صعوبات جمّة تفوق تلك التي تصطدم بها المدارس غير المتخصّصة.

حاولت المدرسة بعد بدء انتشار الفيروس في منتصف السنة الدراسية الماضية أن تتأقلم مع الوضع الراهن. وتوضح دانييل "تمّ اعتماد النشاطات الالكترونية الأسبوعية لمتابعة كلّ طفل ضرير عن كثب".

عاد دايفن إلى مقاعد الدراسة في العام الدراسي الحالي لفترة وجيزة سبقت إغلاق المناطق الأكثر عرضة لتفشّي الوباء، من ثم إعلان الاغلاق العام. لكنّ العودة لم تكُن سهلة، بحسب والدته.

وتقول "بات الخروج إلى الملعب والذهاب إلى المسرح ممنوعيْن، رغم أن ذلك يعدّ متنفساً أساسياً لهؤلاء الأطفال لإخراج طاقاتهم" كونهم لا يتمكنون كسائر الأطفال من القفز أو الركض.

أين القانون والدمج من كلّ هذا؟

تتفاقم تحدّيات التأقلم المدرسيّ مع القيود التي فرضتها جائحة كورونا على جودة التعليم في العالم وفي لبنان، لاسيّما أنّ العوائق التي تُعرقل دمج الأطفال المعوّقين مع أطفال آخرين في مدارس عادية غير متخصّصة كانت جمّة أساساً، وجاءت الجائحة لتشكّل مجهراً يفضح هذا التمييز أكثر.

 بحسب اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، يشمل المصطلح الأخير "كلّ من يعانون من عاهات طويلة الأجل بدنية أو عقلية أو ذهنية أو حسيّة"، مع العلم أن مفهوم الإعاقة لا يزال قيد النقاش والتطوّر بسبب "التفاعل بين الأشخاص المصابين بعاهة والحواجز في المواقف والبيئات المحيطة التي تحول دون مشاركتهم مشاركة كاملة وفعالة في مجتمعهم على قدم المساواة مع الآخرين".

وتشدّد رئيسة الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين حركياً، رئيسة المنتدى العربي لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، سيلفانا اللقّيس في تصريح لـ"مهارات نيوز"، على أنّ "التعليم حقّ أساسي من حقوق الطفل".

وتشير إلى "أهميّة اعتراف المجتمع بكينونة كلّ شخص معوّق على أنه شخص أولاً لتوصيف الواقع بحقيقته، أي أنّ الإعاقة الفعلية هي تلك الآتية من حواجز خارجية وليس من الكائن البشرّي المعوّق بحدّ ذاته، على ألّا يصوّر الشخص المعوّق كأنّه بطل أو ضحية".

من "حقّ" الأطفال المعوقين، وفق اللقيس، الذهاب إلى مدرسة عادية. وتعتبر أنه من الضروري أن تغطي الدولة تكاليف تعليم كلّ الأطفال الذين سبّب لهم انفجار مرفأ بيروت إعاقة، وأهمية تجهيز كلّ المدارس، خصوصًا تلك التي سيُعاد إعمارها جرّاء تدمير الانفجار لها، بما يُناسب الجميع على قدم المساواة.

وتضمن اتفاقية حقوق الطفل أن تعترف الدول الأطراف "بوجوب تمتع الطفل المعوق عقلياً أو جسدياً بحياة كاملة وكريمة، في ظروف تكفل له كرامته وتعزز اعتماده على النفس وتيسّر مشاركته الفعلية في المجتمع".

وعلى الدول الأطراف ضمان "إمكانية حصول الطفل المعوق فعلاً على التعليم والتدريب، وخدمات الرعاية الصحية، وخدمات إعادة التأهيل، والإعداد لممارسة عمل، والفرص الترفيهية وتلقيه ذلك بصورة تؤدي إلى تحقيق الاندماج الاجتماعي للطفل ونموه الفردي، بما في ذلك نموه الثقافي والروحي، على أكمل وجه ممكن".

فأين لبنان من هذا كلّه؟

تم انتاج هذا التقرير ضمن برنامج تدريبي لصحافيين شباب، نظمته مؤسسة مهارات مع اليونيسف.

محتويات هذه المادة الصحافية مسؤولية مؤسسة مهارات ولا تعكس بأي حال آراء اليونيسف.

TAG : ,child right ,حقوق الطفل