اعتاد سامي ممارسة رياضة التايكواندو في أحد المعاهد في بيروت لسنوات عدة قبل أن تستميله دروس رقص الصالونات، لكنّه لم يتوقّع أن خياره هذا سيجعله عرضةً للتنمر والعنف الجندري.
بثلاث عبارات، يلخّص سامي، وهو اسم مستعار، شغفه بالرقص "حبٌ لحرية الفن، مثابرة متواصلة وتضحية شخصية واجتماعية بلا حدود". لكن شغفه هذا دفع بعض من في محيطه إلى نعته بـ "الساذج" و"الرقَاصة" و"عديم الجدوى".
ويقول الفتى (15 عاماً)، وهو أحد هواة ومتسابقي رقص الصالونات في لبنان، لـ"مهارات نيوز": " بعدما بدأت في ممارسة رياضة التايكواندو، اتُخذت بصفوف الرقص التي كنت أشاهدها في الجانب الآخر من النادي الرياضي نفسه".
ويتابع "عند انضمامي لفريق الرقص، أصبحت عرضةً للتنمر من قبل فريق التايكواندو نفسه كما من أصدقائي في مدرستي"، مقابل تلقيه الدعم من أفراد أسرته وصف الرقص.
من عمر التاسعة، اختبر سامي مرحلةٍ من التخبطات والمصاعب النفسية والجسدية. وبعد ست سنوات متتالية من ممارسة رقص الصالونات، لا تزال عبارة "الرقص للبنات" تتردّد على مسامعه. ويقول "أطرح على نفسي سؤالاً لطالما جوابه كان غامضاً: من حدّد لنا هذه المبادئ؟ ولماذا يمكن لقراري بممارسة فن الرقص أن يصبح سببا لرفضي من مجتمع يدعي الانفتاح ولا يعي أهمية حرية الطفل في المشاركة في اتخاذ قرارات حياته؟"
على غرار سامي، يشكو العديد من الراقصين، من الفتيان والفتيات، من تعرّضهم للتنمّر في مجتمعاتهم.
ويعتبر أسادور أورجيان، وهو أحد محترفي وأساتذة رقص الصالونات، أن "المجتمع اللبناني بحاجة الى توعية مباشرة، تبدأ من المناهج الدراسية حتى نطاقات العمل بهدف معرفة مفهوم وأهمية لغة الفن والرقص عند الطفل في مراحل تكوين شخصيته، وفي بناء الثقة بالنفس والانضباط في حياته الشخصية، الاجتماعية والمهنية".
ويشدّد على أهمية دور أساتذة الرقص في "بناء ذهنية عند هواة الرقص، قائمة على مبادئ الاحترام، المساواة والمثابرة في تحقيق أهداف حياتهم".
وتضمن الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الأطفال حق الطفل في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حرية طلب جميع أنواع المعلومات والأفكار وتلقيها وإذاعتها، دون أي اعتبار للحدود، سواء بالقول أو الكتابة أو الطباعة، أو الفن، أو بأية وسيلة أخرى يختارها الطفل، وعلى أن يكون تعليم الطفل موجهاً نحو تنمية شخصيته ومواهبه وقدراته العقلية والبدنية إلى أقصى إمكاناتها من دون تعرض للطفل لأي شكل من أشكال التنمّر.
وللتنمّر تداعيات سلبية على حياة الأطفال قد تقود الى نتائج لا تُحمد عقباها، ما لم تتم متابعتهم وتقديم الدعم اللازم.
وتؤكد المعالجة النفسية ريتا بعينه لـ"مهارات نيوز" ازدياد حالات التنمّر في السنوات الأخيرة، متحدّثة عن تأثيرات سلبية تلحق بالطفل، تبدأ من الشعوربالإحباط والانعزال الاجتماعي، وقد تؤدي في حالات قصوى ومتقدمة إلى الانتحار.
وتلعب العائلة دوراً أساسياً، إذ يقع على عاتقها دعم الطفل نفسياً واجتماعياً عند ملاحظة تعرضه لأي حالة من حالات التنمّر. وتقول "نعيش في مجتمع شرقي يحدّ من أحلام الأطفال، ويحدد الهويةالجندرية للطفل منذ ولادته وخلال حياته" مضيفة "هذا أيضاً نوع من أنواع التنمّر التي تجعل الطفل خاضعاً لتوجيهات مجتمعه".
وتشير دراسة نشرتها جمعية "انقاذ الطفل" الى أن طفلاً من كل اثنين يتعرض للتنمر الاجتماعي والالكتروني والقائم على النوع الجندري في لبنان خلال إحدى مراحل حياته، بحيث يتعرض الفتيان للتنمّر بنسبة 54% والفتيات بنسبة 46%.
وتفيد دراسات عدّة عن دور سلبي لعبته وسائل التواصل الاجتماعي في زيادة نسب التنمّر، مع الاستخدام المتزايد لهذه المنصات.
ويقول سامي: "بعيداً عن جميع أنواع التنمّر التي أثّرت سلبياً حياتي الشخصية، لكنّ الانفتاح على برامج تثقيفية خصوصاً برنامج "رقص النجوم"، ساهم في ترك انطباعات إيجابية لدى المشاهد عن رقص الصالونات، ويلاحظ تغيّر في نظرة المجتمع الذي بدأ؛ ولو بطرقٍ محدودة؛ تقبّل ودعم هذه الموهبة وهذا النوع من الفن".
تم انتاج هذا التقرير ضمن برنامج تدريبي لصحافيين شباب، نظمته مؤسسة مهارات مع اليونيسف.
محتويات هذه المادة الصحافية مسؤولية مؤسسة مهارات ولا تعكس بأي حال آراء اليونيسف.
TAG : ,التنمر ,الرقص ,حقوق الطفل