Loading...

الأيادي الخفية للابتزاز الإلكتروني تتكاثر في لبنان.. كيف تحمي نفسك وأطفالك منها؟

 

فتياتٌ صديقاتٌ لم تتجاوز أعمارهنَّ الـ15 عاما، وقعن في شباك الابتزاز الإلكتروني الذي قد نصبه لهنَّ شابٌّ في الـ17 من عمره. وفي التفاصيل، قام الشاب بالتواصل مع مجموعة من الفتيات عبر تطبيق "واتساب"، وطلب منهنَّ إرسال صور ومقاطع فيديو خاصة، وعندما تمتنع إحداهنَّ عن فعل ذلك، يقوم الشاب بإغاظتها عبر مديحه لصور صديقاتها، فكان ذلك يحفّز غيرتها، ويدفعها إلى إرسال مقاطع فيديو خاصة ظنّا منها أنَّما تقوم به صديقاتها هو أمرٌ طبيعيٌّ ومقبول. لم ينشر الشاب ما جمعه من بيانات، لكنه استخدمها لإبتزاز الفتيات مقابل إقامة علاقة غير مشروعة. لِحُسن الحظ لم تستمر عملية الابتزاز مع ما رافقها من شعورٍ بالخوف لدى الفتيات أكثر من شهر، وذلك بعد معرفة الأهل بما جرى وتواصلهم الفوري مع حملة "ما يبتزك نحن حدك" واللجوء إلى مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية، حيث تم القبض على المبتزّ وصادروا بالتعاون مع والده كل ما يملكه من أجهزة وتم حذف البيانات الخاصة بالفتيات، ثم حُوِّل إلى محكمة الأحداث.

"ما يبتزك نحن حدك" في خدمة ضحايا الابتزاز

تُعلِّق الصحافية والناشطة على وسائل التواصل الاجتماعي لطيفة الحسنية لـ "مهارات نيوز"على هذه الحادثة، التي تابعتها بنفسها عبر حملتها التطوعيّة "ما يبتزك نحن حدك"، عازية الأمر إلى ان "الغيرة الفطرية" بين المراهقين توقعهم دون وعي لخطورة ما يجري، في فخ الابتزاز الإلكتروني.

علما أن حملة "ما يبتزك نحن حدك" أُطلقت في تاريخ حزيران/ يونيو من العام 2019 بعد حادثة انتحار فتاة في الـ13 من عمرها، بسبب تعرُّضها للابتزاز الإلكتروني، حيث سُرِّبت ونُشرت لها صورا كانت قد أرسلتها مسبقا إلى صديقها الذي بدوره أرسلها إلى صديقتها، ما سبَّب لها خوفا كبيرا.هذه الحادثة دفعت الحسنية لبدء حملتها عبر ورش عمل تؤكِّد فيها للأهل على ضرورة مراقبة أطفالهم، وكذلك توجهت إلى الفتيان والفتيات المتراوحة أعمارهم بين 12 و18 عاما لتوعيتهم حول كيفية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وتطورت فيما بعد إلى تقديم المساعدة المباشرة لضحايا الابتزاز الإلكتروني من كافة الأعمار والأجناس والجنسيات في لبنان، خصوصا بعد أن توقَّفت ورش العمل بسبب احتجاجات 17  تشرين الأول ووباء كوفيد-19.

وتُفسِّر الحسنية مخاوفها من الابتزاز الإلكتروني للمراهقين، عبر قولها أنَّ ذلك لا يحصل فقط من قبل عصابة أو شخص غريب، بل أيضا من الأصدقاء والأشخاص المقربين وكذلك أفراد الجنس الواحد، بسبب الغيرة التي قد تصل إلى حدود التهديد. كما تعبر الحسنية عن اعتراضها على مبدأ امتلاك حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي لمن هم دون الـ 18 سنة، مؤكِّدةً عبر نظريات الإعلام الرقمي على ضرورة مراقبة حسابات الأطفال من قبل الأهل وإن اعتبر ذلك اختراقا للخصوصيات.

وتتابع الحسنية قضايا الابتزاز خطوةً بخطوة وبدقة عالية وسريةٍ تامة حرصا منها على سلامة الضحايا. لذا، تنشر رقم هاتفها 03502721 كوسيلة وحيدة للتواصل مع الحملة. وتذكر أنها تابعت قضايا لكثيرٍ من الأطفال دون إخبار ذويهم نزولا عند رغبتهم وحفاظا على سلامتهم النفسية والجسدية. إضافة إلى أنها تستقبل قضايا ابتزاز للاجئين لا يملكون أوراقا ثبوتية، موفرة لهم كل سبل الراحة والحماية بالتعاون مع قوى الأمن الداخلي.

الابتزاز الالكتروني في ضوء القانون اللبناني

وفي الإطار القانوني للقضية، تشير الحسنية إلى أنَّ عملية تقديم الأطفال للشكوى كانت صعبة في البداية وفق الآلية التي يفرضها القانون اللبناني، حيث يصعب على الطفل الضحية أن يقصد مخفر الدرك بمفرده لتقديم شكوى. أمّا الآن فقد أصبح ذلك سهلا عبر توفير خدمة "بلغ" على موقع المديرية العامة لقوى الأمن.

وتجدر الإشارة إلى أن المادة 650 (عدلت بموجب 239 /1993) من قانون العقوبات تنصّ على أنَّ: "كل من هدد شخصا بفضح امر او افشائه او الاخبار عنه وكان من شأنه ان ينال من قدر هذا الشخص او شرفه او من قدر احد اقاربه او شرفه لكي يحمله على جلب منفعة له او لغيره غير مشروعة عوقب بالحبس من شهرين الى سنتين وبالغرامة حتى ستمائة الف ليرة".

104.25% نسبة ازدياد الابتزاز في لبنان

وحول أسباب ارتفاع نسبة الابتزاز الإلكتروني، تشير الحسنية إلى أنَّ الحجر المنزلي فاقم هذه المشكلة عبر ازدياد استخدام الهاتف ووسائل التواصل الاجتماعي. وتؤكد ذلك الإحصاءات الصادرة عن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي – شعبة العلاقات العامة في شهر أيار/مايو من هذا العام، حيث ارتفعت شكاوى جرائم الابتزاز والتحرش الجنسي بنسبة بلغت 184% خلال مرحلة تنفيذ قرار التعبئة العامة، مقارنة بالفترة ما قبلها،حيث ارتفع العدد من 43 شكوى بين الفترة الممتدة من 20/12/2019 لغاية تاريخ 20/2/2020، لتبلغ 122 شكوى بين الفترة الممتدة من 21/2/2020 لغاية 21/4/2020. وفي بيان ثانٍ للمديرية في شهر آب/أغسطس من العام الحالي يَظهر أيضا الارتفاع في عدد الشكاوى، حيث سجل شهر تموز/يوليو 47 شكوى، بينما وصل عددها لـ 96 في شهر آب/أغسطس، مسجلةً بذلك زيادة بنسبة 104.25%، وقد بَلَغَ عدد الموقوفين في هذه الجرائم من مطلع العام الحالي وحتى تاريخ صدور البيان 133 موقوفاً.

سبل الحماية من الابتزاز الإلكتروني

بعد متابعتها نحو 300 حالة ابتزاز، تنصح الحسنية الجميع بعدم إرسال معلومات أو صور شخصية لأحد، وشددت على نقل الصور الشخصية من الجهاز إلى مكان آمن خصوصا عند صيانته في المحلات المخصصة لذلك تجنبا لسرقة المعلومات الخاصة.

ويذكر مسؤول المحتوى الرقمي في منظمة "SMEX"، عبد قطايا، لـ "مهارات نيوز" بعض الوصايا لتفادي الابتزاز الإلكتروني. أولها تجنُّب إضافة الحسابات الوهمية التي تتصف بصور وأسماء غريبة، وكذلك التأكد من الحسابات التي تنتحل هوية أحد الأصدقاء. كما يُحذِّر من الضغط على روابط التصيّد “Phishing Links”، التي تفتح صفحات تطلب فيها معلومات شخصية كوسيلة لاختراق الحساب، لذا يدعو للتحقق من عناوين URL المختصرة. إضافة إلى ذلك، يوصي بعدم تحميل التطبيقات الوهمية مثل تطبيق "واتساب بلاس"“WhatsApp Plus” ، الذي يملك القدرة على اختراق المحادثات، وحصر عملية التحميل عبر المتاجر الالكترونية الموثوقة مثل "Play Store"و"App Store". ويشير إلى ضرورة استخدام تطبيقات مماثلة لـ"Buttercup"و "Bitwarden Password Manager"، التي تقوم بإدارة وحفظ كلمات سر عشوائية للتطبيقات المستخدمة على الجهاز. إلى جانب ذلك، يوصي قطايا باستخدام خاصية التوثيق الثنائي "Two-FactorAuthentication"، وهي تقنية إضافة رمز إلى جانب كلمة السر المستخدمة بهدف توثيق هوية المستخدم مرة أخرى عند تسجيل الدخول، وبالتالي لا يتمكن المخترق من الدخول إلى الحساب إلا بمعرفة هذا الرمز. كما يشجع الأطفال على عدم كتمان ما يجري معهم من مواقف غريبة أثناء استخدامهم لوسائل التواصل واللجوء إلى الأهل أو أي شخص موثوق لتقديم المساعدة والتواصل مع الجهات المعنية.

وفي السياق عينه، تطلب المديرية العامـة لقـوى الأمن الداخلي عدم الخضوع لطلبات المبتزّين، والإبلاغ فورا عن هذه الحالات عبر صفحتها على تطبيق "فيسبوك" (lebsif)، أو من خلال خدمة "بلّغ" على موقعها الإلكتروني أو تقديم شكوى لدى النّيابة العامة الاستئنافيّة المختصّة، ولتقديم المساعدة، الاتصال بمكتب مكافحة جرائم المعلوماتية وحماية الملكية الفكرية في وحدة الشرطة القضائية على الرقم: 293293/01.

تم انتاج هذا التقرير ضمن برنامج تدريبي لصحافيين شباب، نظمته مؤسسة مهارات مع اليونيسف.

محتويات هذه المادة الصحافية مسؤولية مؤسسة مهارات ولا تعكس بأي حال آراء اليونيسف.

TAG : ,حقوق الطفل ,الابتزاز الإلكتروني