Loading...

السدود في لبنان: الثقب الأسود ... ثلاثي الهدر والفساد والاخفاق المستمر منذ عقدين

 

رفض وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال، ريمون غجر، الكتاب الذي أرسلته "مهارات نيوز" لإجراء مقابلة مع مدير عام الموارد المائيّة والكهربائيّة في الوزارة، تتعلّق بحوكمة السدود، "كون الحكومة مستقيلة والموضوع ليس بأولويّة"، وفقاً لغجر. فموضوع السدود أولويّة عندما يتناوله أهل السلطة والسياسة أمّا عندما تريد الصحافة التطرّق له فيصبح ثانويا وتُحجب المعلومات.

علّق البنك الدولي في 5 سبتمبر/أيلول 2020 المدفوعات ضمن القرض المخصص لتمويل مشروع زيادة إمدادات المياه (مشروع سد بسري) بعد الكثير من التحركات المدنية والتي واكبها سياسيون، ما يعني إلغاء المشروع، بسبب عدم إنجاز البنود التي تشكّل شروطاً مسبقة للبدء بأعمال بناء السد، وهي اعتماد خطة التعويض الإيكولوجي، والاتفاق على ترتيبات التشغيل والصيانة.

ولم تكن الاسباب التي دفعت البنك الدولي لتعليق مساهمته المالية على شكل قرض ميسّر للحكومة اللبنانية لإنجاز السد، استثناءً في الآلية التي اعتمدتها الحكومة، ووزارة الطاقة والمياه على وجه التحديد، في تشييد سبعة سدود أخرى على الاقل في مناطق لبنانية مختلفة، ضمن الخطة العشريّة التي وضعتها في العام 2000 لتأمين موارد مائية إضافيّة تشمل مشاريع مياه الشفة بما فيها بناء سدود وبحيرات جبلية بتكلفة تناهز الـ1.3 مليار دولار.

فقد تبين أن تشييد السدود، افتقد الى دراسات علمية أدت الى تسرب المياه من بعضها (سد المسيلحة مثلاً)، والقضاء على تنوع ايكولوجي في سدود أخرى (سدّ جنّة مثلاً)، وبناء سدود على فالق صخري يهدد السكان في المنطقة المحيطة في حال وقوع أي زلزال. وعليه، فإن شبهات كثيرة، بينها شبهات فساد، حامت حول بناء السدود لجهة المناطق التي تم اختيارها، والتلزيمات لمتعهدين موكلين بتنفيذها، وغياب الرقابة الحكومية على أعمال التنفيذ. وهنا يقول غسّان بيضون، مدير عام الاستثمار السابق في وزارة الطاقة والمياه، أنّ المشكلة الكبيرة تكمن في دفتر الشروط ومعايير تصنيف المتعهّدين (الخبرة، التمويل المطلوب...)، وإجراءات المناقصة مؤكداً "أنّ هناك الكثير من النقاط التي يمكن التلاعب بها" وأنّ وزارة الطاقة "من خلال مَونتها على بعض المستشارين الذين يعدّون دفتر الشروط، تحصل على الذي تريده". وبالتالي بالرغم من فتح مناقصة، فإنّها ليست قائمة على مبدأ تكافؤ الفرص بل نتيجتها معروفة سلفاً فلا تختلف كثيراً عن العقود بالتراضي.

قانونيّاً، السدود من صلاحيّة وزارة الطاقة، ولكن الوزير وخلفه مجلس الوزراء يخالف القوانين ويعطي بعض مشاريع السدود لمجلس الإنماء والإعمار أو ينقلها إلى مصلحة مياه بيروت وجبل لبنان، ما دفع بيضون للقول "رأس الفساد في الوزارات هو الوزير وبتعاونه مع وزراء آخرين، يتحوّل مجلس الوزراء إلى هيئة ناظمة للفساد".

الخطّة العشريّة

يعود الاتجاه اللبناني نحو انشاء السدود الى العام 2000، حين وضعت وزارة الطاقة والمياه الخطّة العشريّة بهدف الإدارة المتكاملة للمياه لتأمين موارد مائية إضافيّة تشمل مشاريع مياه الشفة بما فيها بناء سدود وبحيرات جبلية (27 سدًّا وبحيرة). وحظيت الخطة بموافقة مجلس الوزراء في عدة قرارات (القرارات الرقم 14/99 والرقم 12/2000 والرقم 18/2003 والرقم 3/2003) وتمّ تفويض الوزارة بتنفيذها من قبل مجلس النوّاب عام 2003. وقُدّرت كلفة هذه الاستراتيجيّة ب 1.3 مليار دولار مموّلة من موازنة الدولة ومن قروض مسيّرة ومشاريع شراكة بين القطاعين العام والخاص ضمن آلية  (BOT).

وخصصت موازنة المالية العامة للعام 2020، مبلغ 60 مليار و800 مليون ليرة لبنانيّة (نحو 40 مليون دولار على سعر الصرف الرسمي) للإنشاءات المائيّة منها حوالي 38 مليار ليرة لبنانيّة لإنشاءات مياه الشفّة تنقسم بين 27 مليار ليرة لبنانيّة لتأمين موارد مائيّة إضافيّة و11 مليار مشاريع مياه الشرب.

وارتكزت السياسة المائية اللبنانية على السعي إلى سد الحاجة المتزايدة إلى المياه عبر توفير مصادر مائية جديدة. ولخّص مدير عام الموارد المائيّة والكهربائيّة في وزارة الطاقة والمياه، د. فادي قمير – في مقالٍ له عام 2010 - العناوين الأساسيّة للخطة العشرية بتأمين الموارد المائية الاضافية عبر مشاريع السدود والبحيرات وتغذية طبقات المياه الجوفية، ومشاريع مياه الشفة، ومشاريع مياه الري، ومشاريع الصرف الصحي، ومشاريع تقويم مجاري الأنهار، والينابيع البحرية، وشؤون الطاقة الكهربائية.

تضمَّنت الخطة التي اعدتها المديرية العامة للموارد المائية والكهربائية، سياسة مائية متوازنة تشمل البنود الآتية:

-تأمين موارد إضافية عبر بناء 30 سدًا وبحيرة جبلية.

- توفير التغذية الاصطناعية للخزانات الجوفية.

- تنفيذ محطات المعالجة ومحطات الضخ وشبكات المياه.

- تنفيذ مشاريع الري، ومشاريع الصرف الصحي علمًا أن قسمًا منها ينفذه مجلس الإنماء والإعمار.

- صيانة وتقويم مجاري الأنهر.

ويدخل في أهداف الخطة أيضاً تثبيت حقوق الدولة اللبنانية على مياهها السطحية والجوفية.

الاستراتيجيّة الوطنيّة لقطاع المياه:

تعزّز الاتجاه الحكومي نحو انشاء السدود، بالاستراتيجيّة الوطنيّة لقطاع المياه المصدّقة من الحكومة اللبنانيّة عام 2012، وحدّدت التحدّيات في قطاع المياه في لبنانعلى انها تتمثل في "تضاؤل موارد المياه المتجددة"، الى جانب "استغلال موارد المياه السطحية إلى حدٍّ كبير الّا أنّ التخزين محدود، في حين يتمّ وضع ضغط كبير على المياه الجوفية من الآبار الخاصّة بشكل رئيسي"، فضلاً عن ان "أكثر من 50% من شبكات النقل والتوزيع انتهى تاريخ صلاحيّتها المفيد ممّا يؤدّي إلى فقدان نسبة من المياه (%48) تفوق 13% من المعدّل العالمي لفقدان المياه (35%)". واشارت الاستراتيجية الى ان بعض التحديات أيضاً تتمثل في الريّ الذي يشكل "الاستهلاك الأكبر للمياه بفعاليّة محدودة فالاستراتيجيّة تحدّد أن 61% من استهلاك المياه يذهب لقطاع الزراعة و30% منه للاستهلاك المنزلي فيما 9% فقط في الاستخدام الصناعي"، كما ان الطلب على المياه في لبنان بلغ 636 مليون م3 بالسنة (2010).

وينتقد الخبير الهيدروجيولوجي والأستاذ الجامعي د. سمير زعاطيطي، في مقابلة مع "مهارات نيوز"، هذه الاستراتيجيّة متسائلًا: "ما هي الأسس التي قامت عليها هذه الاستراتيجيّة التي يجب أن تكون نتاج مؤتمرات ودراسات علميّة دوليّة مكثّفة"، معرباً عن أسفه "لغياب الدراسات والأبحاث عن المياه في لبنان والطبيعة الجيولوجيّة والمياه الجوفيّة".

والحال ان القانون 221 لتنظيم قطاع المياه ينصّ في مادّته الثانية من الفقرة الرابعة على أنّ وزارة الطاقة والمياه تتولّى "تصميم ودرس وتنفيذ المنشآت المائية الكبرى كالسدود والبحيرات الجبلية والأنفاق وتقويم مجاري الأنهر وشبكات المياه وغيرها، ووضعها في الاستثمار". وبالتالي فإن وزارة الطاقة والمياه، وفق القانون، "تحتكر"دراسة وتنفيذ والإشراف على بناء السدود.

ويستشهد زعاطيطي بقول المهندس إبراهيم عبد العال إنّ "جبالنا مخازن حقيقيّة للمياه" وبالتالي لبنان ليس بحاجة للسدود.

السدود في لبنان:

في لبنان العديد من مشاريع السدود، منها نُفّذت ومنها قيد التنفيذ وأخرى قيد الدرس. ونذكر من هذه السدود التالي:

  • سدّ شبروح في فاريّا: أوّل مشروع تمّ إنجازه ضمن الخطّة العشريّة بحيث تمّ تدشينه عام 2007 بسعة 8 ملايين متر مكعّب ويهدف إلى تغذية مناطق قضاء كسروان.
  • سدّ القرعون على نهر الليطاني: أنشئ عام 1959 وسعته 220 مليون متر مكعّب. وبسبب الخطر المحدق على المناطق أسفل مشروع سد القرعون، تمّ مؤخّرًا في أواخر آب 2020 وبعد كارثة انفجار المرفأ، وضع خطّة طوارئ، بطلب من وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر، لإخلاء هذه المناطق لتفادي مصيبة أخرى.
  • سدّ اليمّونة في بعلبك: تمّ تدشينه عام 2009، بمساحة البحيرة 32 هكتارًا وبحجم تخزين 1.5 مليون متر مكعب. هذا السدّ، ما يُعرف أيضًا ببركة اليمّونة يزوّد مياه الشفّة لحوالي 40 بلدة وقرية الّا أنّ الأهالي تناشد وزارة الطاقة والمياه من مدّة بسبب تلوّث مياه البركة بالمياه المبتذلة - جرّاء توقّف أعمال تأهيل شبكة الصرف الصحيّ - والخطر المحدق على أهل المناطق من الأمراض الّا أنّ أحدًا لم يلبّ نداءهم.
  • سدّ جنّة في نهر إبراهيم: وهو بحسب مؤسّس ورئيس جمعية الأرض ورئيس الحركة البيئيّة اللبنانيّة بول أبي راشد الأخطر والذي قد يكون أشدّ خطورة من سدّ بسري لعدّة أسباب: أوّلها لأنّ الطبيعة الجيولوجيّة للأرض غير صالحة لإنشاء سدّ إذ إنّ الأرض في بسري فيها فالق واحد أمّا في جنّة ففيها ثلاثة فوالق وارتفاع الحائط في جنّة 160 م في حين أنّه في بسري 70 م وثانيًا لأنّ تمويله هو من جيوب المشتركين في مصلحة مياه بيروت وجبل لبنان.

يذكر تحقيق لميغافون عن السدّ أنّ بسببه انقطعت أكثر من 50 ألف شجرة، وحوالي 500 صنف من الحيوانات والنباتات خسروا مسكنهم. فيما يتحدّث التحقيق عن استشارات مشبوهة مع شركة Artelia التي تخضع لعقوبات بسبب عمليّات احتيال بالإضافة إلى أنّ إحدى الشركتين المتعهّدّتين لمشروع السدّ، اسمها Andrade Gutierrez انضمّت للمشروع عام 2013 ولها العديد من الصفقات المشبوهة حول العالم. أمّا شركة CET وهي المتعهّد الأساسي فعليها علامات استفهام لجهة أنّ مدير المشاريع فيها، جان جبران، كان مستشار جبران باسيل السابق وأصبح لاحقًا مدير عام مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان وهي الجهة التي تموّل وتشرف على المشروع.

  • سدّ المسيلحة في نهر الجوز: فاضت مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان منذ بضعة أشهر بصور السدّ الذي ظهر جافّاً وعاجزاً عن تأمين المياه أي دون أي جدوى اقتصاديّة تذكر ما وُصف بـ "فضيحة سدّ المسيلحة" الّا أنّ وزارة الطاقة والمياه دافعت عن نفسها آنذاك بالقول أنّ المشرف على تنفيذ المشروع، الاستشاري مجموعة ليبانكونسلت (Libanconsult) وكوين وباليه (coyne et bellier) مع ملتزم الأشغال شركة مالتورو (Maltauro) ما زالا يستكملان الأعمال في السدّ وهو لم ينتهِ بعد.
  • سدّ القيسماني في فالوغا: بدأت فكرته عام 1993 ووضعت الدراسة عام 1996 وتسلّمتها وزارة الطاقة والمياه هام 1998 الّا أنّ المشروع أصبح حقيقيّاً عندما تمّ بت القرار فيه في مجلس الوزراء في آذار 2010 ففتح مناقصتين وتمّ التلزيم. ويهدف المشروع لتأمين مياه الشرب لـ 35 قرية في المتن الأعلى من خلال تخزين مليون م3 الّا أنّه لم يمتلئ الخزّان أكثر من ثلثه في حين لوّث السدّ مياه نبع الشاغور. وواجه السدّ عام 2018 مشكلة تسرّب المياه المجمّعة خلفه ممّا تطلّب إضافة 1.5 مليون دولار للأشغال الإضافيّة علاوةً على الـ 21 مليون دولار لبناء السدّ.
  • سدّ بلعا في شاتين: ويبلغ حجم التخزين الثابت حوالي 1.2 مليون م3. وكما الحال في معظم السدود الأخرى، فإنّ طبيعة الأرض ليست مناسبة لإنشاء سدّ عليها ممّا بان واضحًا من خلال تسرّب المياه منه وظهور بواليع عميقة في أرضية بحيرة السدّ. أمّا فيما يخصّ التكلفة، فبعد أن تمّ تداول رقم 90 مليون دولار في الاعلام، صرّحت الوزارة في تمّوز 2020 أنّ كلفة السدّ لم تتجاوز 45 مليون دولار وقد شارفت الأشغال في المشروع على نهايتها.

  • سدّ بقعاتا في بقعاتا: وهو سدّ قيد الإنشاء، تصل سعة بحيرته إلى 6 مليون م3 وبحسب موقع الوزارة، "من شأن هذا المشروع ان يوفر ما يقارب 3 مليون دولار سنوياً من فاتورة الكهرباء للضخ."الّا أنّه تبيّن حتى الآن أنّه أيضًا لا يجمّع المياه بالقدر المطلوب.
  • سدّ بحيرة الكواشرة في عكّار: وهي بحيرة اصطناعيّة أُنشأت عام 1973 بهدف ريّ الأراضي الزراعيّة في المنطقة. تمّ توسيعها عام 2013 حتى بلغت سعتها التخزينيّة حوالي 400.000 م3 من المياه وهي تروي 100 هكتار من الأراضي الزراعية.
  • سدّ بريصا الواقع في أسفل القرنة السوداء في أعالي الضنية: تبلغ كلفة مشروع السدّ 10 ملايين دولار، ولكن بسبب عدم إجراء الدراسات اللازمة والتفاجؤبطبيعة الأرض التي لا تسمح بتخزين المياه، تطلّب السدّ تكاليف إضافيّة لإصلاح قعره بقيمة عشرين مليون دولار إضافية، بحسب المفكّرة القانونيّة.
  • هذا بالإضافة إلى سدّ بسري الذي توقّف بعد أن أوقف البنك الدولي تمويل المشروع (مزيد من التفاصيل في الأسفل).

في حين أنّ المناقصات التي جرت فيما يتعلّق بالسدود غير علنيّة وبالتالي دفاتر الشروط لم يتمّ نشرها. وتجدر الإشارة إلى أنّ الموقع الرسمي لوزارة الطاقة والمياه يذكر فقط 7 من هذه السدود ولا يتطرّق لتكاليف كلّ منها.

أمّا فيما يتعلّق بالرقابة، فهناك عدّة أنواع من الرقابة، وفقاً لبيضون، بدايةً من "الرقابة التسلسليّة ضمن وزارة الطاقة نفسها"، من خلال المدراء العامّين أو الموظّفين المعنيّين. ومن ثمّ رقابة التفتيش المركزي/ إدارة المناقصات على دفتر الشروط فهي تضع ملاحظاتها وتردّها للوزير. ولكن الوزير قد يقرّر أن يتجاهل ويتجاوز كل التعليقات والملاحظات ويتّجه إلى مجلس الوزراء للمضي قدماً بالمشروع و"تمرير الصفقة"وبالتالي لا قيمة للرقابة عندها.

بالإضافة إلى رقابة ديوان المحاسبة والذي يبدأ بعد أن يحوّل الوزير قرار لجنة المناقصات إلى الديوان ليصادق عليها. الّا أنّ وفقاً لبيضون، "الوزير هو من يبلّغ المتعهّد بالموافقة ويعطيه أمر المباشرة بالعمل... وهنا تبدأ المساومة والضغط على المتعهّد وتنفيذ الأمور الخفيّة التي لا يعرفها أحد"فيفرض الوزير على المتعهّد شروطه الخاصّة.

أمّا الرقابة اللاحقة فهي "منعدمة"بحسب وصف بيضون ولكن يمكن التحرّك في حال رفع  شكوى من قبل متضرّرين فالأمل الوحيد هو بالإخبار أو الشكوى.


مشروع "زيادة" إمدادات المياه في لبنان سدّ بسري:

"يهدف مشروع زيادة إمدادات المياه في لبنان إلى زيادة حجم المياه المتاحة لمنطقة بيروت الكبرى وجبل لبنان"بحيث كان يموّل مشروع بناء سدّ بسري يشرف عليه البنك الدولي. الّا أنّ المشروع تمّ سحبه في بداية أيلول 2020 وعدم التمديد له بعد أن عُلّق العمل به لمدّة ثلاث أشهر في 22 تمّوز 2020.

بحسب الموقع الرسمي للبنك الدولي فإنّ المشروع كان بحاجة إلى 617 مليون دولار أميركي على أن يقدّم البنك الدولي قرضاً بقيمة 474 مليون دولار أميركي في أحد أكبر مشاريعه في لبنان "لزيادة إمدادات المياه البلديّة."وسيقدّم كلّاً من البنك الإسلامي للتنمية والحكومة اللبنانية تمويلاً موازياً بقيمة 128 مليون دولار أمريكي و15 مليون دولار أمريكي على التوالي.

ولكن يتساءل البعض عن البديل عن سدّ بسري، فهل يصحّ قول جبران باسيل: "سيأتي يوم تطالب فيه الدولة اللبنانيّة ومعها كل اهاليبيروت وجزين وصيدا و​الشوف و​بعبدا و​عاليه بتمويل سدّ بسري، سيسقط النكد السياسي وستظهر الحاجة للمياه، عندها لن ينفع البكاء، ولن يجدي الّا تأمين قرض جديد لنعود الى نفس السدّ وبنفس الشروط، ولكن بكلفة أعلى بكثير"؟ ينفي كلٌّ من زعاطيطي وأبي راشد هذا الكلام ويؤكّدان وجود بدائل علميّة مستشهدين بتقرير للـ UNDP من عام 1970 والذي تمّ تحديثه ونشره عام 2014 الذّي يشير إلى أنّ لبنان لديه فائض بالمخزون الجوفي، "والمياه الجوفيّة، إذا كافحنا المجارير، هي مياه نظيفة، معدنيّة، سهل استخراجها دون آثار بيئيّة سلبيّة" وفقًا لأبي راشد الذي يطالب أن "يحلّوا عن وزارة الطاقة ويسلّموها لشخص علميّ مستقلّ".

ويضيف زعاطيطي، بحسب التقرير عينه، أنّ "في لبنان يتساقط 10 مليار م3 من المتساقطات سنويًّا، 3 مليار منهم يُخزّن داخل صخورنا و1.3 مليار م3 فقط هي المياه على وجه الأرض أي الينابيع والأنهار والتي هي ملوّثة بنسبة كبيرة، لذلك يجب الاستثمار في المياه الجوفيّة"، متسائلًا "لماذا نعمل على الربع الملوّث؟...لأنّ الآبار ليست مربحة".

حدّد تقرير صادر عن الحركة البيئيّة اللبنانيّة (Lebanon Eco Movement) أبرز مخاطر سدّ بسري:

  1. التهديدات للموائل الطبيعيّة والغابات
  2. التهديدات للتراث الثقافي
  3. الضرر بالزراعة
  4. نقص وضعف دراسة البدائل
  5. انتهاك تقييم الأثر البيئي الاستراتيجي (SEIA) للاستراتيجية الوطنية لقطاع المياه (NWSS)
  6. انتهاك أهداف التنمية المستدامة واستراتيجية الحماية الاجتماعية
  7. الافتقار إلى التشاور والمشاركة الفعالة
  8. الاهتمامات المتعلقة بالجيولوجيا والزلازل

وفي هذا السياق، يركّز زعاطيطي أنّ وادي بسري هو وادي "انخسافي"وبالتالي هناك خطورة كبيرة من بناء السدّ عليه. ويطالب هنا أبي راشد "أن تقوم جهات حياديّة بدراسات الأثر البيئي للسدود بطلب من وزارة البيئة."

البدائل:

بدائل طرحتها جهات عديدة من المجتمع المدني والبيئيين الذين يتابعون موضوع السدود يمكن ان تشكل مدخلا لنقاش تشاركي فعال بعيد عن التجاذبات السياسية.

منها ما طرحته جمعيّة الأرض من بدائل لسدّ بسري بشكلٍ خاص وللسدود بشكلٍ عام منها:

  • الاستفادة الأمثل من الينابيع القريبة من بيروت
  • استخراج المياه الجوفيّة التي تتغذّى بنسبة 53% من المتساقطات بسبب طبيعة الأرض في لبنان
  • إعادة تأهيل شبكة التوزيع للحدّ من الهدر الذي يبلغ 40%
  • تجميع مياه الأمطار
  • بالإضافة إلى عددٍ من البدائل العلميّة التي تقضي بإنشاء آبار.

 

TAG : ,السدود في لبنان ,فساد ,سد بسري