تخوض آمال شعيا، الحائزة على دكتوراه في اللغة العربية وآدابها، الناشطة والأديبة والصحافية... والمكفوفة، معركة مزدوجة: واحدة ضد الإقصاء وتهميش ذوي الإعاقة، فتخوض التحدي بثقة على لائحة "دقون للأجيال القادمة". ومعركة ثانية أمام المجلس الدستوري في حال فازت. فالطعن جاهز ضدها من قبل بعض أبناء البلدة تحت عنوان "كيف لكفيفة أن تقرأ وتوقّع المعاملات". ولكنّها قررت المواجهة، لا فقط لكونها إمرأة، بل لأنها أيضاً فاقدة للبصر، فحملت معركتها من صفحات الكتب والمقالات إلى ساحة العمل البلدي.
من دقون في قضاء عاليه، إلى بعلبك. إسم جديد يبرز لتكسير السقف الزجاجي وتحدي النظرة التقليدية الذكورية، حيث تخوض زينب عثمان معركة صوت من لا صوت له في المدينة. تعاني زينب التي تحمل ديبلوم دراسات عليا في العلاقات الدولية وماجسيتر في الحقوق، وتعمل في مجال تدريس القانون، من إعاقة جسدية. معركتها اليوم نضالية بامتياز، في وجه التهميش المقصود للمرأة في السياسة والاقتصاد ومراكز القرار، وقضيتها الأساس، قضية الـ15 في المئة من المجتمع "المعوقين".
خوض غمار الانتخابات
ترشيح آمال وزينب ليس حالة معزولة. بل يندرج ضمن حركة متصاعدة وإستثنائية لنساء من ذوي الإعاقة قررن عدم الاكتفاء بدور المتفرج والمراقب. فخضن معترك الشأن العام والإنمائي، رغم العراقيل القانونية والمجتمعية. الطريق لم تكن سهلة. ولكنّ جملة قالتها آمال في حديثها لـ"المدن" تكاد تختصر الحقيقة المرّة "نحن أصحاب الإرادة الصلبة، إذا لم نناضل من أجل حقوقنا، فلن نحصل عليها". تسعى آمال لإثبات أن الإعاقة لا تعني العجز بل ربما طاقة مضاعفة تخدم بها بلدتها، لذا "قررت خوض الانتخابات لأكون الصوت الحقيقي لكل شخص من ذوي الإعاقة" عن لائحة شبابية تضم تسعة مرشحين "سأكون أنا في حال الفوز، البرنامج والصرخة لذوي الإعاقة، وتجسيد أفكارنا ومشاريعنا لمجتمع أكثر عدالة"، اضافة إلى مجموعة من المشاريع الإنمائية لخدمة بلدة دقون على مستوى الشباب وتفعيل النادي والإنماء بأشكال مختلفة.
ترفض آمال أن يكون دعمها محصوراً في الإطار الحزبي، رغم تلقيها دعماً من "القوات اللبنانية"، إلا أنّ الرهان الأكبر بالنسبة لها كان على مستوى دعم العائلة وحركة "fifty fifty" و"روح والدتي التي تبارك خطواتي من السماء، ودعم والدي" على حد قولها.
وعن كيف أثرت إعاقتها في مسار اختيارها للعمل البلدي، تشير آمال إلى أنها خاضت معارك أهم في حياتها، كونها وُلدت مبصرة وفقدت نظرها في عمر المراهقة. "كسرت الحواجز برافعة أعطتني القوة لأكافح اكثر بعيداً من الاستسلام". وتقول "في العمل البلدي لن أكون مجرد مشاركة، بل قيمة مضافة، كإنسانة تمتلك تاريخاً من العمل الثقافي والاجتماعي، ولدي مشروعاً إنمائياً واضحاً". ترفض آمال المتسلحة بعبارة "الحياة مسيرة ولا شيء نكتسبه من دون المثابرة" العناوين الرنانة رداً على سؤال حول رؤيتها لجعل المجلس البلدي أكثر عدالة وشمولية، تقول "لا يوجد عدالة مئة بالمئة. هناك نقص، سنسعى بعزيمة قوية وإرادة صلبة على سد فراغته. لذا سنتعاون مع وزارة الداخلية وسنعمل على مستوى القوانين لضمان فتح باب حقيقي لتمثيل ذوي الإعاقة في المجالس البلدية ومختلف المرافق من خلال الدمج وتحسين جودة الحياة، والقضاء التدريجي على كل الاعتبارات التي تقوم على التمييز على أساس الجنس والإعاقة".
الحقوق لا الرعاية
وفي مدينة بعلبك، التي كثيرًا ما تُظلَم بصورة نمطية، تخرج زينب عثمان لتعيد رسم حدود الممكن. هي بعلبكية، لبنانية، عربية، أممية، كما تعرّف عن نفسها لـ"المدن". تضيف إلى سجلّها نضالًا جديدًا: الترشّح للانتخابات البلدية. فلماذا الترشّح؟ تقول زينب "لم تنجز البلدية سوى الانهيار منذ 21 عاماً لغاية اليوم". بصراحة تضرب مثالاً "مثل من يستعمل طنجرة مثقوبة، يسكب الماء ليتسرّب. مرة تلو الأخرى.. فإمّا أن يرممها أو يضعها جانبًا". لذلك، اختارت ألا تبقى على الهامش، بل أن تدخل إلى موقع القرار، مسلحةً ببرنامج انتخابي يرتكز على 11 محورًا، تتقدّمها الشفافية والمحاسبة وتفعيل البنى التحتية والخدمات وفرص العمل.
ما يميز برنامج زينب، هو إدراج قضايا الإعاقة كمكوّن أساسي، لا كملحق للرعاية والصحة. تنطلق من النموذج الحقوقي الاجتماعي، وتُسقط عنهما النموذجين الطبي والخيري، اللذين لطالما اختزلا الشخص المعوّق في المرض أو الشفقة. تقول زينب: "الإعاقة ليست في الإنسان، بل في المجتمع غير المؤهّل"، مشيرة إلى قانون 220/2000 المتعلق بذوي الإعاقة.
تطبيق القوانين
بحسب زينب فالقانون 220/2000 هو الوحيد الذي يمكن تطبيقه لأنه محلي. "فالاتفاقيات الدولية لم يصادق عليها لبنان إلا في نهاية الـ2022، ولكن لم تتم بعد، موائمة هذه الاتفاقية مع القوانين المحلية. لذلك فعلى علّة هذا القانون ورغم أنه يحمل النموذج الطبي، ولكن منذ 25 سنة على صدوره، لم تطبق أحكامه بعد، ولم تصدر مراسيمه التنفيذية. وهذا عار علينا كمجتمع مدني وعار على الدولة اللبنانية وعلى الوزارات المعنية وعلى البلديات.
والحل بالتالي "تطبيق الصالح من القانون، ثم نضغط لموائمته مع الاتفاقيات الدولية".
لم يكن ترشّح زينب قرارًا فرديًا فحسب، بل جاء نتيجة دعم ثلاثي: من حزبها العقائدي، من المجتمع البعلبكي ورفاق الحراك، ومن الهيئات النسائية التي رأت فيها مشروعًا انتخابيًا ناضجًا. لكنها، ككثيرات من النساء ذوات الإعاقة، واجهت عقبات فيزيائية ونفسية. تقول: "بعض العائلات تعتبر المرأة المعوّقة فريسة سهلة، تُمنع من الخروج، من التعليم، من الحياة". وتشير إلى الحواجز اللوجستية التي اعترضت طريقها عند تقديم طلب ترشّحها: سلالم، مكاتب غير مؤهلة، غياب المرافق الملائمة.
وفي حال نجحت ما هو مشروعها الأول؟ تحلم زينب بمساءلة البلديات السابقة أمام مجلس شورى الدولة عن تدهور بلدية بعلبك، "التي كانت من أغنى بلديات لبنان". كما تطمح لتفعيل المصعد المعطّل في مبنى البلدية، والمستخدم كخزانة. ترى في هذه الخطوات رموزًا للعدالة والشمولية، انطلاقًا من قوانين يجب تطبيقها: قانون حق الوصول إلى المعلومات، والشراء العام، ومكافحة الفساد، وقانون ذوي الإعاقة.
"إذا طبّقنا هذه القوانين"، تقول زينب، "تتغير الصورة النمطية لبعلبك، المدينة التي طالما شُوّهت سمعتها، بينما لم يُسلّط الضوء على وجهها المشرق".
تحديات وعراقيل
فإلى أي مدى تساهم البيئة الانتخابية اللبنانية في تمكين النساء من ذوي الاحتياجات الخاصة من ممارسة حقهن في التصويت والترشح في الانتخابات البلدية والاختيارية؟
بحسب آخر إحصاء لوزارة الشؤون الإجتماعية عام 2020، يبلغ عدد المعوقين في لبنان الحاصلين على بطاقة المعوّق 114 ألفاً، منهم 56% يعانون من إعاقة حركية، و29% يعانون من إعاقة عقلية. لا إحصاءات رسمية جديدة، يتداول بالأرقام بين 15 و 13 بالمئة، بحسب ما يشير الباحث في "الدولية للمعلومات" محمد شمس الدين في حديثه لـ"المدن"، مؤكداً أنّ لا معلومات رسمية في هذا الإطار يُبنى عليه، وكذلك بالنسبة إلى أعداد المعوقين الذين زادوا نتجية للعدوان الإسرائيلي الأخير.
وأمام مسار طويل مفترض من العمل النضالي ومشاركة أصحاب النفوذ من حكومات ووزارات وجمعيات أهلية. فالمؤكد هنا أنّ الحاجة الأولى تنبع من تطوير التشريعات، والتأكيد بالقانون على ضمان حق كل الفئات سواء بالترشح أو الاقتراع. وخصوصاً لأننا أمام عقبات تختلف أشكالها ومضمونها، من عقبات مادية، إلى معرفية، واجتماعية، وصولاً إلى العقبات القانونية.
فكيف يكرّس القانون حقوق المعوقين؟ في لبنان، حقوق ذوي الإعاقة في الانتخابات مكرّسة عبر عدة قوانين وأطر قانونية، أهمها القانون 220/2000 (تاريخ 29/5/2000)، وهو القانون الأساسي المتعلق بحقوق الأشخاص المعوقين. وينص بوضوح في عدة مواد على حق ذوي الإعاقة بالمشاركة السياسية ومنها: المادة 75: تضمن للأشخاص المعوقين حق الاقتراع والترشح أسوة بسائر المواطنين. المادة 74: تُلزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة لتسهيل مشاركة الأشخاص المعوقين في الحياة السياسية والاجتماعية.
كذلك في الدستور اللبناني، تشمال المادة السابعة منه ضمنيًا حق ذوي الإعاقة بالتصويت والترشح دون تمييز. كما نصت مواد أخرى على ضرورة تسهيل الوصول إلى مراكز الاقتراع (مثلاً تجهيز المراكز، تأمين ممرات خاصة...).
كما تنص المادة 29 الصادرة عن الإسكوا ضمن "اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والبروتوكول الاختياري" على حق ذوي وذوات الإعاقة بالمشاركة السياسية الكاملة، بما يشمل التصويت والترشح، مع ضمان سرية الاقتراع وتوفير المساعدة عند الحاجة.
هل يطبق القانون؟
ولكن هل يُطبق القانون؟ رغم ما يُقال عن تطور المشاركة السياسية في لبنان، وبينما تحققت بعض المكاسب التشريعية، لا تزال الممارسات على الأرض تفضح الهوة بين النص والتطبيق. يوضح جهاد إسماعيل، أمين سر الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقات/ين حركيًّا، أن "الدستور اللبناني يضمن الأهلية المدنية، كما أن القانون 220 يطالب بتسهيل مشاركة المعوقين في الحياة العامة، بما في ذلك الانتخابات. اضافة إلى الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص المعوقين، التي تضمن المشاركة السياسية، ترشحًا واقتراعًا. وقد أدخلنا تعديلات على القوانين الانتخابية لتتضمن هذه الحقوق، لكن النزاع يبقى مع السلطات المعنية في تطبيق ما يتعلّق بالتجهيزات والتدريب وأصول التعاطي."
المشكلة، كما يراها إسماعيل في حديثه إلى "المدن" لا تقتصر على النصوص، بل تتعلق بالبنى التحتية غير المؤهلة: "ما زلنا نواجه معوقات هندسية في مراكز الاقتراع، وهي في الأصل مدارس غير مهيّأة لدمجنا تربويًا، فكيف انتخابيًا؟" كما يشير إلى غياب الوعي والتدريب الكافي ضمن الفرق المشرفة على العملية الانتخابية، من عناصر الأمن وصولاً إلى رؤساء الأقلام والمندوبين.
وبين نوايا المساعدة وواقع التقصير، يصف إسماعيل تفاوت الاستجابة بين الوزارات والجهات المعنية: "الكل يريد أن يساعد، لكن الوقت الضيق وضعف الإمكانات غالبًا ما يحولان دون تنفيذ البدائل." وفي ظل واقع مشابه، لا تختلف تجربة النساء كثيرًا. فبالرغم من أنهن يشكّلن نصف الجسم الانتخابي، لا تتعدى نسبتهن في المجالس البلدية 5%، ما يكشف عن نظام اجتماعي وسياسي يقصي ويعزل بدل أن يدمج ويحتضن.
غياب الأرقام الرسمية
لا يوجد في جعبة الاتحاد الكثير من الأرقام والاحصاءات للتوقف عندها، وخصوصاً فيما يتعلق بزيادة نسبة الإعاقة بعد العدوان الإسرائيلي على لبنان، وهو ما يؤكده إسماعيل، مشيراً إلى أنه "ننتظر صدور الأرقام الرسمية من قبل وزارة الصحة".
وفيما يخص المشاركة السياسية، يقول "نلاحظ توجهًا لافتًا يتمثل بعدم التركيز على الأرقام، بل على نوعية المشاركة. فقد شهدنا قبولًا متزايدًا للأشخاص ذوي الإعاقة، سواء من النساء أو الرجال، للترشح للعمل البلدي. ويعود ذلك إلى تراكم الوعي بالمواطنة، ومعرفة الأشخاص المعوقين بحقوقهم في الحياة السياسية والمشاركة العامة، وهو دور أساسي لعبه الاتحاد".
ولهذا السبب، تقدم الأشخاص ذوو الإعاقة بنسب أكبر نحو الاقتراع والمشاركة، مع وعي أوسع بدورهم في التنمية المحلية وإدارة الشأن البلدي بشكل طبيعي، خصوصًا عند توفير البيئة المناسبة لهم.
تجربة سيئة في الماضي
يروي إسماعيل واقعًا عاشه ذوو الإعاقة خلال الانتخابات الماضية "في انتخابات 2016، لم نكن قد توصلنا بعد إلى اتفاق مع وزارة الداخلية لاستخدام الطوابق الأرضية. كان يُحمل الناخبون من ذوي الإعاقة جسديًا لصعود الأدراج، وهو أمر غير لائق أو عملي، مما أدى إلى عزوف كثر عن المشاركة." كذلك افتقرت حينها العملية الانتخابية إلى مقومات السرية والحرية، فالبعض من ذوي الإعاقة فضّلوا البقاء في منازلهم على مواجهة المشقة والإحراج".
تحسّن الوضع نسبيًا في الانتخابات النيابية عام 2022، إذ شهدت تعاونًا بين الاتحاد ووزارة الداخلية، مما أتاح استخدام طوابق أرضية كمراكز اقتراع. يقول إسماعيل: "بدأنا نلمس قبولًا أكثر من ذي قبل، والناس صاروا أكثر تشجيعًا للمشاركة، خاصة النساء اللواتي عانين في السابق من التهميش والحرمان."
ومن ضمن التحسينات التي سعت إليها الجمعيات: فتح أقلام اقتراع في الطوابق الأرضية، نقل قيود الناخبين من الطوابق العلوية إلى السفلية، تجهيز الحمامات، ضمان وجود الكهرباء والمياه، توفير مصاعد تعمل يوم الاقتراع، وتنظيم القلم بحيث يضمن الخصوصية والكرامة للناخبين والناخبات من ذوي الإعاقة.
ويشير إسماعيل إلى مطلب بالغ الأهمية تم العمل عليه "نسّقنا مع وزارتي الداخلية والشؤون الاجتماعية لتبادل المعلومات وتسهيل نقل القيود. كما طالبنا بوجود إرشادات دامجة داخل المراكز، تساعد الأشخاص على معرفة كيفية التحرك داخل القلم والوصول إلى الصندوق والغرفة العازلة."
وفي النهاية، وعلى الرغم من الوعود التي قُطعت بتحسين ظروف الاقتراع، تبقى المشاركة الحقيقية للنساء ذوات الإعاقة مرتبطة بتطبيق هذه الإجراءات على أرض الواقع، وتحويل مراكز الاقتراع إلى فضاءات دامجة وآمنة للجميع.
دور الاتحاد
وضمن الجهود المبذولة لتعزيز المشاركة السياسية للأشخاص ذوي الإعاقة، يبرز دور الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين حركياً، كفاعل أساسي في الضغط من أجل إقرار الحقوق السياسية وضمان تطبيقها. يوضح إسماعيل، أن الحملة المدنية التي أطلقها الاتحاد عام 2005 تحت عنوان "حقي"، شكّلت منذ بدايتها مساحة للمطالبة بالحق في المشاركة السياسية، لا سيما خلال الانتخابات النيابية والبلدية. الحملة تعمل على مستويين"، يقول إسماعيل، "فهي من جهة تدعو إلى احترام هذه الحقوق وتوفير الشروط التي تسهّل مشاركة ذوي الإعاقة، ومن جهة أخرى، تقوم بمراقبة الانتهاكات التي يتعرضون لها يوم الاقتراع، من التنقل والوصول إلى مراكز الاقتراع، إلى أسلوب التعامل معهم من قبل الموظفين والجهات الحزبية".
ووفقاً لإسماعيل، فإن الانتهاكات لا تزال تُسجّل في كل استحقاق انتخابي، ما يجعل من الرقابة الميدانية ضرورة دائمة. "نراقب في كل المناطق لأن لا عملية انتخابية تخلو من خرق لحق من حقوق الأشخاص المعوقين"، يضيف، مشيراً إلى أن هذه الرقابة تكتسب بعداً إضافياً حين يتعلق الأمر بالنساء ذوات الإعاقة، اللواتي يواجهن تمييزاً مزدوجاً، جندرياً وبدنياً، في آنٍ معاً.
مجتمع أكثر إنسانية
المؤكد اليوم، أن قضية مشاركة النساء من ذوي الاحتياجات الخاصة بدأت تفرض نفسها تدريجياً على الساحة، وسط حقيقة مفادها أن تمكين النساء ذوات الإعاقة لا يصنع عدالة لفئة محددة فحسب، بل يؤسس لمجتمع أكثر إنسانية وشمولية لجميع أبنائه. ففي ظل زحام الوعود السياسية والنداءات إلى الديمقراطية، تبقى أصوات النساء ذوات الاحتياجات الخاصة، همساً خافتاً يحاول أن يجد لنفسه مكاناً، لذلك فإن تمكينهن من الترشح والمشاركة الفاعلة في المجالس البلدية لا يُعد ترفاً أو مطلباً ثانوياً، بل ضرورة ديمقراطية تُعيد الاعتبار لمفاهيم المواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية. هو أيضاً اختبار حقيقي لمدى التزام الدولة والمجتمع بتحويل الخطاب الحقوقي إلى سياسات ملموسة، تُزيل العوائق البنيوية والثقافية التي تحول دون اندماج النساء ذوات الإعاقة في الحياة العامة. فهل يتحقق المطلب؟
تم إعداد هذا التقرير ضمن مشروع "إصلاح الإعلام وتعزيز حرية التعبير في لبنان". موّل الاتحاد الأوروبي هذا التقرير. وتقع المسؤولية عن محتواه حصرًا على عاتق ”مؤسسة مهارات“ وهو لا يعكس بالضرورة آراء الاتحاد الأوروبي.
ينشر هذا التقرير بالتزامن مع موقع المدن