Loading...

الادراج على لائحة الحظر لا يكفي!

 

” ادراج العائلة على لائحة الحظر في وزارة العمل“، اجراء اعتادت وزارة العمل على تطبيقه اذا ما أظهرت التحقيقات انتهاكا لحقوق العاملات في الخدمة المنزلية وتعرضا لهن. اجراء سيمنع العائلة من استقدام أي عاملة أجنبية مجددًا. 

مواقع التواصل الاجتماعي تعج كل فترة بفيديوهات تستغيث من خلالها العاملات وتطلبن المساعدة.

"ساعدوني، لقد ضربوني بشدة". تصرخ العاملة الافريقية في الفيديو الذي صورته بعد تعرضها للضرب بشدة. هنا العاملة نجت من الموت. فاوستينا فاي، العاملة الغانية الشابة، لم تنج. الفيديو الذي صورته قبل وفاتها استقطب تعاطفا عالميا وتغطية واسعة. اتهمت فيه حسين ضيا مستخدمها.

كما في حوادث وجرائم اخرى وزارة العمل ادرجت حسين ضيا وعائلته على لائحة الحظر. ممنوع على هذه العائلة استقدام اي عاملة اجنبية مجددا. هذه المرة هناك تحقيق قضائي مرافق لهذا الاجراء. اجراء، اقل ما يقال فيه انه من خارج دولة القانون.

 هذا الفيديو وغيره يعتبر اخبارًا للنيابة العامة، يقتضي تحريك دعوى الحق العام لمعاقبة المعتدين، حيث أن معظم العاملات يعترفن انهن تعرّضن لجرائم مختلفة تتراوح بين الضرب والايذاء والابتزاز الجنسي. وبحسب قانون العقوبات اللبناني، فإن المعتدي يخضع لمواد قانونية تجرّم هذه الانتهاكات بحق العاملة الأجنبية أيا كان المرتكب“، هذا ما تؤكده المحامية منار زعيتر لـ "مهارات نيوز“، حيث يجب تطبيق المواد 554 و555 و556 بحق من أقدم قصدا على ضرب شخص او جرحه او ايذائه.

وحول اجراء ادراج العائلة على لائحة الحظر، فتشرح زعيتر أن " الجريمة التي عبرت عنها الضحايا وبشاعة الانتهاكات التي تعرضت لها العاملات في الخدمة المنزلية لا تتواءم مع الحكم الصادر بحق المعتدين. إذ أن بشاعة الانتهاكات تستوجب حكمًا أو اجراء قضائيًا وليس تدبيرًا من وزارة العمل يُمعن في التعسف في وجه الانتهاك الحاصل بحق العاملة الأجنبية.

أما بالنسبة لجريمة الابتزاز الجنسي الذي تتعرض له العاملات لتقديم خدمات جنسية فهذا المصطلح غير موجود في قانون العقوبات حتى اليوم، ولكن تعتبر جريمة تندرج تحت المادة 507 من قانون العقوبات التي تتحدث عن الاكراه أو الاجبار على ممارسة الفحشاء أو فعل مناف للحشمة وهذا ينطبق على ما تتعرّض له بعض العاملات الأجنبيات، ما يستدعي الملاحقة الجزائية ايضا.

نظام عبودية يدفع العاملات إلى الموت

تعاني العاملات الأجنبيات في لبنان بسبب نظام الكفالة من شتى أنواع الظلم. ضرب، تعنيف لفظي وجسدي، تنمر، حرمان، ارتفاع عدد ساعات العمل وابتزاز واعتداء جنسي وأكثر. ظروف العمل بالنسبة للعاملات الأجنبيات تدفعهن إلى الانتحار أو الهروب من منازل كفلائهم. هذا عدا عن اختفائهن في ظروف غامضة.

في تقرير لـ " هيومن رايتس ووتش"  يعود إلى العام 2008 جاء فيه أن  عاملات المنازل الأجنبيات يلقين حتفهن بمعدل أكثر من واحدة أسبوعياً. كما إن معدل الوفيات المرتفع في صفوف عاملات المنازل الأجنبيات في لبنان، لأسباب غير طبيعية، يُظهر الحاجة الماسة لتحسين أوضاع عملهن.  وبحسب جمعية "هذا لبنان" نقلاً عن مكتب شؤون الاعلام في المديرية العامة للأمن العام فإن عدد جثث العاملات المنزليات اللواتي غادرن لبنان بين العام 2016 وال 2017 هو 138 جثة. ما يدفعنا إلى التساؤل، هل تنتحر تلك العاملات أم تُقتلن؟ وما هي الأسباب التي تدفعهن إلى الانتحار؟ ومن يتابع قضاياهن؟

 

وزيرة العمل لميا يمين في تصريح لها قالت " ان وزارة العمل وضعت لهذه الغاية الخط الساخن 1741 لمتابعة الشكاوى المتعلقة بالعاملات والعمال الاجانب، ووضع مرتكبيها على اللائحة السوداء والادعاء عليهم امام النيابات العامة المختصة كون ان هذه الافعال تندرج في إطار الاتجار بالبشر".

باتريسيا، المسؤولة عن فريق العمل لجمعية ”this is Lebanon“، مقرها كندا وهي تُعنى بالدفاع عن حقوق العاملات المهاجرات، قالت لـ "مهارات نيوز"  أن الخط الساخن لا يعمل بطريقة فعّالة، كما أن الذين يتلقون التبليغات لا يتكلمون سوى اللغة العربية وقد واجهت مماطلة من قبل العاملين في هذا القسم من ناحية بطء الإجابة على الاتصالات والمماطلة في مساعدة المشتكي.

على الرغم من إقرار قانون الاتجار بالأشخاص عام 2011، إلا أن هذا القانون لا يشمل الممارسات والانتهاكات التي تمارس بحق العاملات الأجنبيات اللواتي يخضعن لأحكام نظام الكفالة.

الحل الوحيد يكمن في تأمين الحماية بعد ان تتحرك وزارة العمل لإلغاء نظام الكفالة واتخاذ تدابير لحماية العمال الأجانب المحرومين من الخضوع لقانون العمل والضمانات القانونية، لحمايتهم من الانتهاكات والممارسات التعسفية وخضوعهم لنظام يتسم بالعبودية.

"وضع العاملات في لبنان كارثي وميؤوس منه، تعيش العاملات في كابوس يومي من دون أي أمل بالنجاة. إذ تتواصل معنا يوميًا 20 حالة في الحد الأدنى من النساء هن ضحايا عنف جنسي وجسدي، من اصحاب العمل“، تضيف باتريسيا.” حاولنا مرارا التواصل مع الأمن العام ووزارة العمل ولكن من دون الوصول إلى نتيجة علمًا أن العاملات الضحايا في وضع مروّع، متسائلة عن سبب رفض الوزارة والمعنيين التعاون لإنقاذ الأرواح؟ “

السوشل ميديا سلاح يحمي العاملات

في ظل غياب سياسات الحماية للعاملات الأجنبيات في لبنان، تحولت وسائل التواصل الى سلاح فعال أخذت صفحة ”this is Lebanon“ على عاتقها مساعدة الضحايا من العاملات المهاجرات. تقوم إدارة الصفحة بالتواصل مع الكفلاء بعد أخذ موافقة العاملة، فإذا كانت تتعرض للابتزاز الجنسي او الضرب الجسدي، نتحرك على الصفحة بهدف تأمين الحماية لها. تؤكد باتريسيا انه ” بمجرد النشر على صفحتنا فإن أكثر من 62 ألف قارئ سيصله المنشور وهذا ما يعتبره الكفيل عامل تهديد له إذ أن أفعاله ستُفضح وسيراه الرأي العام“. وعليه، تنتقل العاملة المعنفة من منزل أبوابه موصدة لا أحد يعلم ما تتعرض له، إلى العالم الذي يرى ما يحصل لها بشكل علني بعد نشر كل شيء. وهذا يحصل طبعًا بعد رفض العائلة التجاوب.

تشكو باتريسيا من عدم القدرة على ملاحقة جميع القضايا بسبب كثرتها. تقول لـ "مهارات نيوز" " نحن نحتاج إلى قرار من الحكومة اللبنانية للتصرف ولحماية العاملات عبر الغاء نظام الكفالة. واليوم في ظل الوضع الاقتصادي في لبنان، بعد فقدان الدولار، عدم توفر العمل، العاملات لم تتلق أجورهن منذ شهور وغير مسموح لهن بالرحيل، وهن محجورات مع المعتدين مع كم هائل من أعمال التنظيف والكثير من الاعتداء الجنسي.

ثغرات في قانون العمل والعقوبات

عن النقص في القوانين لحماية العاملات الاجنبيات، تقول المحامية منار زعيتر "قانون العقوبات على سيئاته لو استخدم كان كفيلاً بحماية العاملات المهاجرات. كما أن الازمة هي بنيوية وابعد من عاملة واحدة تتعرض للانتهاكات. إذ أنه وضع عام تعيشه كل العاملات في لبنان، لأن قانون العمل لا يشملهن، ويستثنيهن من الأحكام، وبالتالي كل الحماية والضمانات غير موجودة ولا يتمتعن بها. بالإضافة إلى نظام الكفالة الذي يمعن في الانتهاكات ضدهن ما يؤدي إلى السماح بالتغاضي عن هذه الممارسات السيئة ويمنعهن من اللجوء الى القضاء.

بالإضافة إل كل ما سبق، قانون العقوبات حتى اليوم لم يقم بتعريف العنف الجنسي وتفنيد أشكاله ولا تجريمه. وعلى الرغم من النجاح نجحنا في إقرار قانون العنف الأسري في السنوات الأخيرة إلا أن هناك أشكالاً أخرى لم يتم تشريع قوانين لتجريمها، العنف الجنسي والتحرش الجنسي مثلاً وما ينتج عنه من آليات لكيفية حماية النساء، إذ أن إقرار هذا القانون من شأنه حمايتهن لاسيما المجموعات الأكثر تهميشًا مثل المزارعات والعاملات المنزليات. في الوقت التي عمدت دول أخرى إلى تجريم كافة أشكال العنف الممارسة ضد النساء.

تشرح زعيتر "العنف الممارس ضد العاملات الأجنبيات، وكافة الفئات المهمشة يطرح السؤال حول وصول النساء إلى العدالة في ظل نظام اداري وقانوني وقضائي غير متطور، لا يتحدث بلغة العاملة الأجنبية، في ظل غياب الحماية من قبل سفاراتهن. المطلوب دولة قانون تحترم حقوق الانسان. لا حل الا بالغاء نظام الكفالة وتفعيل اطر الحماية والملاحقة الجزائية لكل معتد، فالادراج على لائحة الحظر ليس بعقوبة ترسي دولة القانون".

TAG : ,domestic workers ,نظام الكفالة ,العاملات الأجنبيات ,قانون العقوبات ,وزارة العمل في لبنان