Loading...

ذوي الاحتياجات الخاصة: لا تعليم دامج في لبنان

 

محمد محسن طفل بمتلازمة دوان عمره 14 عاما، يسكن في مدينة طرابلس. ليس ككثيرين من الاطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، يعتبر حظ محمد جيدا، لان والدته هي مديرة المدرسة التي استقبلته من أجل الحصول على حقه في التعليم. حيث، تحاول والدته ومديرة المدرسة أحلام الحلواني دمج محمد في المجتمع بشتى الطرق والوسائل، بالرغم من صعوبة العملية.

يكفل القانون لجميع الأطفال اللبنانيين الحصول على التعليم دون تمييز. يمنح القانون 220 الذي أُقر عام 2000 ذوي الاحتياجات الخاصة الحق في التعليم، الصحة والحقوق الأساسية، وينشئ لجنة مختصة لتحسين ظروف الأطفال المسجلين كذوي احتياجات خاصة للمشاركة في جميع الدروس والاختبارات.

لكن المسار التعليمي للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في لبنان في الواقع مليء بالعثرات اللوجستية والاجتماعية والاقتصادية، التي تقوّض تجربتهم المدرسية، إن هم تمكنوا من التسجيل أصلا.

الكثير من مدراء المدارس في لبنان لا يقبلون تسجيل أصحاب الصعوبات التعليمية في مدراسهم، التي تفتقر الى نظام التعليم المدمج الجامع لذوي الصعوبات التعلميّة. حيث أكدت الكثير من أسر الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة بحسب تقرير لـ"هيومن رايتس ووتش" انهم مستبعدون من المدارس الرسمية بسبب سياسات القبول التمييزية، عدم وجود ترتيبات معقولة، نقص الموظفين المدربين تدريبا كافيا، عدم وجود مناهج شاملة (بما في ذلك عدم وجود برامج تعليمية فردية)، والرسوم والنفقات التمييزية التي تزيد من تهميش الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة من الأسر الفقيرة.

لا تتوافر معلومات واضحة عن مجموع عدد الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في لبنان ولا عددهم في المدارس. ووفقا لـ "برنامج تأمين حقوق المعوقين" الحكومي المكلف بتسجيل ذوي الاحتياجات الخاصة، يوجد حاليا 8558 طفلا من ذوي الاحتياجات الخاصة مسجلين تتراوح أعمارهم بين 5 و14 عاما، وهو سن التعليم الإلزامي. ومن بين هؤلاء، هناك 3806 في مؤسسات تعليمية ممولة من الحكومة، بينما ينتشر عدد قليل منهم في المدارس الرسمية والخاصة. إلا أن الكثيرين من المسجلين لا يذهبون إلى أي نوع من المرافق التعليمية. إضافة إلى ذلك، فإن هذه الأرقام منخفضة، نظرا إلى أن الإحصاءات العالمية لـ "اليونيسف" و"منظمة الصحة العالمية" و"البنك الدولي" تقدر أن 5 بالمئة من الأطفال تحت سن 14 يعانون من احتياجات خاصة. بناء على هذه الإحصاءات، فإن التقدير المتحفظ هو أن ما لا يقل عن 40 ألف طفل تتراوح أعمارهم بين 5 و14 سنة في لبنان لديهم احتياجات خاصة دائمة. يثير هذا التضارب في الأرقام مخاوف من أن عشرات الآلاف من الأطفال اللبنانيين من ذوي الاحتياجات الخاصة غير مسجلين، وكثير منهم قد لا يحصلون على التعليم.

ووفقا لـ "اتفاقية حقوق الطفل" التي صادق عليها لبنان عام 1991، فإن الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة لهم الحق في التعليم والتدريب والرعاية الصحية وخدمات إعادة التأهيل. تعزز "اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة"، التي وقع عليها لبنان ولم يصادق عليها، "هدف الإدماج الكامل" مع مراعاة "مصالح الطفل الفضلى". يعكس القانون 220 هذا المبدأ حيث يقتضي مراعاة المصلحة الفضلى للمتعلم، عند الاختيار بين التعليم الجامع والتعليم لذوي الاحتياجات الخاصة.

كما ذكر مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان زيد الحسين، انه تم الاعتراف بالتعليم الجامع باعتباره الوسيلة الأنسب للحكومات لضمان العالمية وعدم التمييز في الحق في التعليم. التعليم الجامع هو ممارسة تثقيف الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة في المدارس العادية مع توفير المساعدات الإضافية والخدمات عند الضرورة للسماح للأطفال لتحقيق كامل إمكاناتهم. وهو ينطوي على الاعتراف بالحاجة إلى تغيير الثقافات والسياسات والممارسات في المدارس لاستيعاب الاحتياجات المختلفة للطلاب كل على حدة، والتزام بإزالة الحواجز التي تعيق ذلك الاحتمال.

التأكيد على الحق في التعليم الجامع هو جزء من التحول الدولي من "النموذج الطبي" للاحتياجات الخاصة إلى "النموذج الاجتماعي"، الذي يعترف بالاحتياجات الخاصة كتفاعل بين الأفراد وبيئتهم، مع التركيز على تحديد وإزالة التمييز والحواجز والمواقف في البيئة. لكن في لبنان، لا تزال السلطات تنظر عموما إلى الاحتياجات الخاصة على أنها عيب يحتاج إلى إصلاح.

تم انتاج هذا التقرير ضمن برنامج تدريبي لصحافيين شباب، نظمته مؤسسة مهارات مع اليونيسف.

محتويات هذه المادة الصحافية مسؤولية مؤسسة مهارات ولا تعكس بأي حال آراء اليونيسف.

TAG : ,ذوي الاحتياجات الخاصة ,لبنان ,مدارس دامجة