Loading...

أطفأ الوطن قنديله... لا مازوت في لبنان!

 

باتت الازمات والهموم تتساقط كالأمطار الغزيرة على المواطن اللبناني. لكنه اليوم، يواجه ازمةً شلّت البلد بأسره. المازوت، المحرك الأساسي لكل مؤسسات البلد، بات وجود المدعوم منه ضئيلاً جداً، ومهدد بالفقدان، حتى المازوت غير المدعوم الذي سمح باستيراده موجود بكميات قليلة وبثمن باهظ. الجميع يترقب ماذا ستفعل الحكومة الجديدة.

دخل لبنان باب العتمة منذ أوائل شهر حزيران، حيث بدأت المولدات في عدة مناطق لبنانية بالتقنين بسبب عدم توفر مادة المازوت وبدأ نفاذ المازوت في كافة معامل الكهرباء على الأراضي اللبنانية، كما انعكس هذا الأمر على كل قطاعات البلد. 

قبل الدخول في "نفق العتمة" كان لبنان يعتمد على بواخر الكهرباء والمعامل التي كانت تغذي الكهرباء من 16 الى 18 ساعة في اليوم، والمولدات تغطي الساعات المتبقية.

كانت فاتورة كهرباء لبنان لا تتعدى الـ60 ألف ليرة على مدى ثلاثة أشهر، وفاتورة المولد 5 امبير 60 ألف ليرة بالشهر الواحد.

بعد الازمة النقدية والمصرفية التي عصفت لبنان، لم يعد من قدرة على دعم المحروقات على أنواعها. بدأ التراجع في ساعات تغذية الكهربائية بسبب النقص في  مخزون المازوت في المعامل ونفاذ مخزون الفيول في شركة كهرباء لبنان، وبدأ أصحاب المولدات بالتعويض بزيادة ساعات تغذية المولدات.

وفي أواخر حزيران اوائل تموز، دق ناقوس الخطر! وأصبح اللبنانيون مهددون بالعتمة الشاملة، فكهرباء الدولة لم تعد متوفرة على الأراضي اللبنانية الا لساعة او ساعتين في اليوم، المولدات اعتمدت سياسة التقنين تتراوح بين 10 الى 12 ساعة يومياً وارتفعت فيما بعد. وغرقت مناطق مثل صيدا وبيروت في العتمة الشاملة. كل القطاعات (الاستشفائية، السياحية، والمتاجر) في لبنان أطلقت صرخةً لان العتمة قد طالتها.

 

حالة الناس

هذا الأمر انعكس على كل القطاعات في البلد. تدهور وضع الكهرباء تدهوراً دراماتيكياً، أسعار المولدات كلها لا تقل عن الـ800 ألف ل ل عن 5 امبير، أي أكثر بـ175 ألف ليرة من الحد الأدنى للأجور في لبنان. غلاء البضائع في السوبرماركت وغلاء غرف المستشفيات وغرف الفنادق واكل المطاعم أصبح مرتبطاً بغلاء المازوت في السوق السوداء الذي وصل ثمنه الى 570 دولاراً أي ما يوازي 11 مليون ليرة لبنانية.

احوال الناس لا توصف، فالحزن غطى وجوه الجميع، خصوصا أصحاب المتاجر على أنواعها، وفي جولة استطلاعية كشفنا عن وضعهم في عدة مناطق في المتن الشمالي، وهذه كانت النتائج:

75٪ من هؤلاء التجار ليس لديهم كهرباء، اذ بعضاً منهم لا يحتاج اليها او ليس لديهم القدرة على شراء مولد خاص بهم، وهم أصحاب محلات الملابس، والأدوات المنزلية او الدكاكين ومنهم محال حلويات. وأفادنا احد أصحاب محال الحلويات أنطوان شرابيه بأنه لا يملك القدرة على شراء مولد خاص به. "البرادات لدي تبقى على الحرارة المطلوبة لمدة ثلاث ساعات، والمولد يعمل لساعتين وينطفئ ساعتين. وبسبب اطفاء المولّد طوال الليل، أضطر الى رمي أي منتج مكون من الكريما والفاكهة. إذا بقي الحال كما هو، سنوقف التصنيع اليومي وننتقل الى التصنيع بحسب الطلب".

وضمن هذه الجولة على التجار الصغار، الملفت ان الجميع براداتهم خالية من الالبان والاجبان بسبب هذه الكارثة، وفق ايوب السبعلي صاحب دكان صغير، "وضع المولد تحسن الاسبوع الفائت، قبلها كان التقنين 4 ساعات في اليوم، وكل ما كان في البراد تلف، عندها قررت عدم شراء ألبان وأجبان، فقط معلبات وبضائع لا تحتاج الى براد، لأنني لا أرى ان الوضع سيتحسن".

15٪ من التجار باتوا يقفلون ابوابهم عندما ينطفئ المولد قرابة الثالثة ظهراً، ومعظم هؤلاء التجار يقعون في خانة الصيادلة، فرفوف الصيدليات شبه خالية، فلا داعي بأن يفتحوا ابوابهم بعد الثالثة.  كما ان 5٪ منهم، من المحال التي اشترى أصحابها مولداً خاصاً بهم كبعض المطاعم والملحمات والافران. ويقول روني خليفة صاحب أحد الافران انه لم يكن لديه خيار آخر "أقفلت متجري لمدة أسبوعين بسبب ازمة المازوت والمولدات، علماً ان لدي بضائع برأسمال 40 مليون ليرة ويجب بيعها، فقررت شراء مولد صغير"، أما المازوت للمولد فيؤمّنه من السوق السوداء.  اضافة الى من أقفل محله لعدم القدرة على الاستمرار، مثل خليل فرحات صاحب أحد المطاعم، الذي اكد ان الوضع لم يعد يحتمل، فهو لديه اكثر من 20 موظفاً، "فالعمل اصبح غير منتج وثمة خوف على الدواجن واللحوم في البرادات بسبب الغياب شبه التام للكهرباء والمولد في المنطقة، مما دفعني الى صرف الموظفين وتصفية الأعمال بداعي الهجرة قريباً".

 

ما الحل؟

رغم بدء وصول الفيول العراقي التي ترفع ساعات التغذية 4 ساعات يومياً، الا أن وضع مؤسسة كهرباء لبنان من سيء الى أسوأ، وفق بياناتها المتكررة، علماً أن البواخر التركية التي تؤمّن حوالي 4 ساعات يومياً ستغادر لبنان نهاية شهر أيلول بسبب انتهاء العقد معها.  

نتيحة الذلّ الذي يعانيه المواطن في بلد منكوب، أصبح بعض المواطنين يؤيد سياسة رفع الدعم عن المحروقات عسى ان يتوفر وينهي مشاهد الذل، رغم عدم وجود أي حوافز اجتماعية في المقابل أو عدم الانتهاء من البطاقة التموينية التي وعد اللبنانيون بها والى الآن لم تنفذ، ورغم الخوف من تداعيات سلبية اضافية  على المجتمع بسبب الفقر المدقع الذي يعاني منه أكثر من 50% من الشعب.  

 

TAG : ,مازوت ,لبنان ,مدعوم