Loading...

مطبخ في مار مخايل يخلق فسحة أمل لسيّدات من ذوات الاحتياجات الخاصّة

 

بعد بدئها العمل في مشروع المطبخ المجتمعي الذي أطلقه الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين حركيًا مؤخرًا في منطقة مار مخايل في بيروت، تذوّقت ليال وطواط طعم الاستقلالية التي حُرمت منها طيلة حياتها. واختبرت مع سيدات أخريات معنى أن يكنّ منتجات وقادرات على المساهمة في إعالة عائلاتهن.

وتقول وطواط، وهي تعاني من مرض التصلّب المتعدّد الذي سبّب لها شللًا وانعدام النظر لموقع "مهارات نيوز": "هذا المطبخ هو الحرية التي حصلت عليها بعد تواجدي بشكل دائم في المنزل"، مضيفة: "شعرت بالاستقلالية والقوة اللتين حُرمت منهما طوال حياتي بعد بدء العمل في المطبخ".

وباتت السيدة المطلّقة التي تُعيل أولادها الأربعة قادرة على الإنفاق على نفسها وعلى عائلتها "من دون مساعدة وشفقة الآخرين"، على حد تعبيرها.

على غرار ستين سيدة أخرى، ترتاد وطواط (42 سنة) مكان عملها لثلاثة أيام في الأسبوع، وتتولى المهمات القادرة على إنجازها في المطبخ المجهّز كليًّا لحالتها ولحالات الإعاقة الجسدية الأخرى.

ويشكّل مشروع المطبخ المجتمعي الذي أطلقه الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين حركيًا بدعم من هيئة الأمم المتحدة للمرأة، ومنظمة اليونيسف وسفارة النمسا في لبنان، وفق صفحته على موقع فايسبوك، "مقرًا للتنوع وكسر الحواجز أمام كل فئات المجتمع ومفتاح الفرص الجديدة والمتساوية للكل".

 

وتتحدّث راوية سيف الدين، المصابة بشلل الأطفال، عن فرحها "بالعمل ولقاء نساء يشبهن حالتها، ويستطعن فهم بعضهن البعض من دون نظرة الشفقة التي يتعرضن لها في المجتمع". 

وتقول لموقع "مهارات نيوز": "أصبحت أتكل على نفسي بالكامل بعد أن توفرت لي فرصة أن أكون مستقلة ماديًّا وقادرة على مساعدة زوجي الموظف في الدولة لإعالة عائلتنا الصغيرة".

ترتاد المطبخ من يوم الثلاثاء حتى الجمعة أسبوعيًا، منذ مطلع شهر تموز حتى نهاية أيلول، ستون سيدة من ذوات الاحتياجات الخاصة أو أمهات أطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، يتوزعن بين 36 لبنانية، و24 سورية، تتراوح أعمارهنّ بين 18 و55 سنة. وتعمل 12 سيدة منهن في قسم الإدارة والبقية داخل المطبخ. 

وتتقاضى كل سيدة مقابل عملها من الثامنة صباحًا حتى الواحدة ظهرًا، راتبًا شهريًا، بينما وسائل النقل مؤمنة. وتحصل السيدات العاملات في المطبخ على فترة تدريب شاملة قبل البدء بالعمل، يتعلمن فيها كل ما يتعلق بجودة وسلامة الغذاء، والنظافة. وتعمل كل سيدة في المكان المناسب لقدراتها ومهاراتها ووضعها الجسدي أو الصحي.

ينتج المطبخ يومياً، بحسب مديرة المطبخ ومسؤولة المشروع ندى العزير، 90 الى 95 وجبة، تُوزّع ستون منها على من هم أكثر حاجة في منطقة مار مخايل. 

وتقول العزير لموقع "مهارات نيوز" إن "الهدف الأساسي من هذا المشروع هو تمكين المرأة وتعزيز قدراتها بوصفها شخصًا منتجًا وفعّالًا في المجتمع". 

وسرعان ما لاحظ القيمون على المشروع، وفق ما تشرح العزير، تغييرًا جذريًا طرأ على حياة السيدات منذ بدئهن العمل في إطار المشروع. وتوضح "شعرنا سابقًا أنّهن مهمشات وليس لهن أي دور أو قرار داخل العائلة أو المجتمع. لكن اليوم تعززت ثقتهن بأنفسهن خصوصًا بعد التواجد في مكان العمل والتعرف الى وجوه جديدة". 

 

ويعمل الاتحاد على تحفيز ثقة السيدات بأنفسهن عبر تنظيم جلسات مع مساعدين اجتماعيين ونفسيين لمساعدتهنّ على التعبير عن أنفسهن بشكل أفضل.

ولعلّ أبرز ما شعرت به النساء، وفق ما تؤكد المتخصصة في العلاج الانشغالي ومستشارة الدمج في الاتحاد فرح الشيخ علي لموقع "مهارات نيوز"، هو أن "يكنّ من الفئة المنتجة في المجتمع، خصوصًا وأن مجتمعنا يهمّش المرأة بالمطلق، فكيف إذا كانت من ذوات الاحتياجات الخاصة؟".

ويسهم المشروع في تحقيق "الدمج الاقتصادي" للسيدات "اللواتي كنّ يتلقّين الدعم المالي من أحد أفراد عائلاتهنّ، ولم يكنّ أصحاب قراراتهنّ على الأصعدة كافة (القرار السياسي والانتخاب، الحرية الشخصية، الخروج من المنزل، التعليم، الانتساب الى جمعية...)"، وفق الشيخ علي التي تعتبر أن "النساء حصلن على حق مقدس وهو التحول من الاتكالية إلى الإنتاجية".

ووفّر المشروع كذلك فرصة للسيدات من أجل "الدمج الاجتماعي من خلال العمل الذي يمارسنه بشكل شبه يومي، واستعمالهن للنقل العام والاحتكاك مع عدد أكبر من الناس" وهو ما يترجم وفق الشيخ علي "الحق بأن أكون موجودة".

 

TAG : ,الاحتياجات الخاصة ,السيدات ,مار مخايل ,مطبخ ,النساء ,الأشخاص المعوقين حركيًا