صحيح جزئياً
بعد أن كانت لجنة المال والموازنة قد وافقت مبدئياً كما أعلن النائب ابراهيم كنعان على زيادة اكتتاب لبنان في صندوق النقد الدولي، لأنها تفيد على مستوى الإقتراض والمساعدات التي ستأتي للبنان من صندوق النقد، لا سيّما وأن المبلغ غير مخصّص للإنفاق على أي باب من أبواب الصرف، بل هو بمثابة "قجة للبنان" لدى صندوق النقد. قرّر مجلس النواب تأجيل مناقشة مشروع القانون الوارد بالمرسوم رقم ١٤٢٧٧، زيادة مساهمة لبنان في صندوق النقد الدولي لمدة أسبوعين بناء لطلب رئيس الحكومة نواف سلام، وبعد اعتراض معظم النواب على تكبيد الدولة مزيد من الأعباء المالية.
ولكن هل فعلاً زيادة حصّة لبنان في صندوق النقد الدولي ستعود بالفائدة على مستوى الإقتراض والمساعدات التي ستأتي للبنان من صندوق النقد؟
عقدت لجنة المال والموازنة جلسة عند الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر يوم الإثنين الواقع فيه 14/4/2025، برئاسة رئيس اللجنة النائب إبراهيم كنعان، لمتابعة مشروع القانون الوارد بالمرسوم رقم 14227 الرامي إلى زيادة مساهمة لبنان في صندوق النقد الدولي.
وعقب الجلسة قال النائب إبراهيم كنعان "الموضوع يتعلّق بزيادة اكتتاب لبنان في صندوق النقد. وكنا قد وافقنا مبدئياً على ذلك مع الطلب من وزير المال تزويدنا بإمكانية لبنان على الزيادة التي تبلغ 423 مليون دولار، حتى لا تكون الزيادة فوق قدرتنا. ونحن كلجنة مال وموازنة، نرغب في زيادة حصة لبنان لأنها تفيدنا على مستوى الإقتراض والمساعدات التي ستأتي للبنان من صندوق النقد، لاسيما وأن المبلغ غير مخصص للإنفاق على أي باب من أبواب الصرف، بل هو بمثابة "قجة للبنان" لدى صندوق النقد".
وبخلاصة النقاش بين النواب، توافقوا جميعاً على الطلب من وزارة المال تحضير صياغة واضحة لتمويل الإكتتاب وآلية الدفع تحت سقف إمكانية لبنان. فإذا كانت إمكانية الخزينة 100 مليون دولار، فلتكن الزيادة بـ 100 مليون، وإذا كانت أكثر، وفقاً لما ستعرضه وزارة المال، فليكن الإكتتاب بنسبة أكبر.
وأعلن كنعان أنه تمت الموافقة على الزيادة، ولكن يفترض أن يرسل وزير المال الى الهيئة العامة قبل الجلسة التي ستبت بالموضوع التفاصيل المذكورة ليبنى على الشيء مقتضاه. وإعتبر الموافقة رسالة إيجابية للعلاقة مع صندوق النقد و"لكننا بحاجة لمعرفة إمكاناتنا وألا تلتزم الدولة بما لا قدرة لها عليه وهذه مسؤولية الحكومة".
لكن وبعد اعتراض معظم النواب على تكبيد الدولة مزيد من الأعباء المالية، قرّر مجلس النواب الخميس الواقع فيه 24/4/2025، تأجيل مناقشة مشروع القانون الوارد بالمرسوم رقم ١٤٢٧٧، زيادة مساهمة لبنان في صندوق النقد الدولي لمدة أسبوعين بناء لطلب رئيس الحكومة نواف سلام.
ما هي الحصّة وكيف يستفيد لبنان منها؟
تُحتسب مساهمة الدول في صندوق النقد الدولي (IMF)، وكذلك حصتها في حقوق السحب الخاصة (SDRs)، بناءً على نظام الحصص (Quotas)، وهو نظام يعتمد على مجموعة من المعايير الاقتصادية.
الحصة هي المبلغ المالي الذي تلتزم به الدولة كعضو في الصندوق، وتُستخدم لتحديد:
- مقدار مساهمتها المالية في الصندوق.
- قدرتها على الاقتراض من الصندوق.
- قوتها التصويتية في قرارات الصندوق.
- حصتها في حقوق السحب الخاصة (SDRs).
يتم احتساب الحصة بناءً على صيغة حسابية تشمل عدة مؤشرات اقتصادية رئيسية لكل دولة، مثل:
- الناتج المحلي الإجمالي (GDP).
- الإنفتاح التجاري (Openness): مجموع الصادرات والواردات.
- تقلبات الحساب الجاري (Variability).
- احتياطيات النقد الأجنبي (Reserves).
ويستخدم الصندوق هذه البيانات لتحديد "الحصة النظرية"، ثم يتم التفاوض مع الدولة على "الحصة الفعلية.
في السياق، يقول الباحث والخبير الإقتصادي والنقدي، محمد فحيلي، في حديثٍ لـ "مهارات نيوز"، أن حجم الإستفادة لأي دولة تُقدّر بحجم حصتها، أي عندما يصرف صندوق النقد الدولي حقوق سحب للدول الأعضاء كل دولة تسحب حسب حصتها، وعندما يُطلب من الدولة زيادة حصتها يكون قد حدث تغيّر بالمعطيات الإقتصادية سمح لها أن تستوفي شروط تزيد من حصتها.
ويشرح أن الدولة لا يمكنها تخطي الحدّ الأقصى للمعايير التي يستخدمها صندوق النقد الدولي لتحديد أو تقييم حصتها في الصندوق، ولكن يمكن أن تكون أقلّ. لنفترض على سبيل المثال أنه يحق للبنان بـ 100 حصة وقرّر الإشتراك بـ 60 حصة ودفع ثمنها، فعندما يُقرّ المجلس المركزي لصندوق النقد الدولي مساعدات للدول الأعضاء وعلى الرغم من أنه يحق لي بـ 100 حصة وإشتركت بـ 60، تُقيّم حصتي على أساس الـ 60، والأمر نفسه بالنسبة لحجم القروض.
ويؤكد فحيلي، على أن هذا الإنفاق إستثماري يجب التمسك به وإقناع المشرعين على إقراره ومن الجيّد أنه أُقر والأمر نفسه بالنسبة لـ IFC (مؤسسة التمويل الدولية - مجموعة البنك الدولي).
في المقابل، يشرح الخبير الإقتصادي أنطوان فرح في حديثٍ لـ"مهارات نيوز"، أن صندوق النقد الدولي قد فتح المجال لكل الدول لزيادة مساهماتها وحصصها في صندوق النقد الدولي ولبنان من ضمن هذه الدول، ووجد المسؤولون اللبنانيون في ذلك فرصة لزيادة حصة لبنان. وهذه الحصص مبدئياً هي بمثابة إدّخار إلى حدّ ما ويمكن للدول أن تحصل على هذه المبالغ التي تدفعها سنوياً. كما حصل مع لبنان عندما كان بحاجة للمبلغ وحصل على الـ SDR وهي عملة الصندوق والتي كانت توازي حينها مليار و100 مليون تقريباً. وبالتالي اليوم لبنان سيزيد مساهماته أي سيقوم بدفع حصة إضافية توازي تقريباً 450 مليون دولار، بحيث تصبح كمية الأموال التي سيحصل عليها يوماً ما كـ SDR أكبر مما كانت في السابق.
ويشير فرح إلى أن حجم المساهمة يساعد بتحديد حجم الإقتراض، ويستذكر في هذا الإطار الفترة التي تمّ تحديد حجم الإقتراض للبنان بحدود 3 مليار دولار، وقيل حينها أنه حصل على الحدّ الأقصى للسقف المحدّد بحسب معايير الصندوق وفق حصته، وبالتالي عندما تزيد حصته بنسبة 50% أو أكثر فمن الطبيعي أن يصبح مسموحاً أن يتم إعطاء القرض ببرنامج تمويل يتجاوز الثلاثة مليارات وقد يتجاوز الأربعة مليارات ونصف أو خمسة مليارات.
ولكن هذا الأمر ليس تلقائيا أي أن صندوق النقد ليس ملزماً أن يرفع قيمة القرض بمجرد أن تكون المساهمة أكبر ولكن قد يحتسب السقف الأعلى إذا وجد أن الإقتصاد يسمح والحاجة ضرورية.
ووفق فرح، يوجد معياران أساسيان يتم على أساسهما تحديد القرض للدولة، الأول حجم المساهمة في الصندوق الذي يعطي الحق للدولة لتحديد سقف إقتراضها، والثاني وضع الإقتصاد الذي يعطي الحق للصندوق أن يدرس إعطاء الدولة هذا القرض وما إذا كان إقتصادها يسمح برد هذه الأموال.
إذاً، الإشكالية المطروحة صحيحة جزئياً، لأن صندوق النقد ليس ملزماً برفع قيمة القرض بمجرد أن تكون المساهمة أكبر، فإن حجم الإستفادة لأي دولة تُقدّر بحجم حصتها ومساهمتها بالصندوق بالإضافة طبعاً إلى درس وضع اقتصادها وما إذا كان يسمح برد هذه الأموال.